الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣ -
النَّظَرِ وَتَعَارُضِ الأَْدِلَّةِ فِي حُكْمٍ، يُنْدَبُ لِلْقَاضِي أَنْ يُشَاوِرَ الْفُقَهَاءَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَْمْرِ﴾ (١)، قَال الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ مُسْتَغْنِيًا عَنْهَا، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ تَصِيرَ سُنَّةً لِلْحُكَّامِ، وَرُوِيَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ مُشَاوَرَةً لأَِصْحَابِهِ مِنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ (٢)، وَقَدْ شَاوَرَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ النَّاسَ فِي مِيرَاثِ الْجَدَّةِ، وَشَاوَرَ عُمَرُ ﵁ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ، وَشَاوَرَ الصَّحَابَةَ ﵃ فِي حَدِّ الْخَمْرِ، وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ ﵁ كَانَ يَكُونُ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ، مِنْهُمْ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ﵃، إِذَا نَزَل بِهِ الأَْمْرُ شَاوَرَهُمْ فِيهِ، وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ أَنَّهُ لاَ مُخَالِفَ فِي اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ مَعْلُومًا بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ لَمْ يَحْتَجِ الْقَاضِي إِلَى رَأْيِ غَيْرِهِ.
قَال الْقَاضِي حُسَيْنٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِذَا أَشْكَل الْحُكْمُ فَالْمُشَاوَرَةُ وَاجِبَةٌ وَإِلاَّ فَمُسْتَحَبَّةٌ.
وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُشَاوِرَهُمْ بِحَضْرَةِ النَّاسِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يَذْهَبُ بِمَهَابَةِ الْمَجْلِسِ وَالنَّاسُ
_________
(١) سورة آل عمران / ١٥٩.
(٢) حديث: " ما رأيت أحدًا أكثر مشاورة. . " أخرجه ابن حبان من قول الزهري وهو منقطع. (الإحسان١١ / ٢١٧) .