الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣ -
يُحْجَبَ عَنْهُ أَحَدٌ، قَال أَبُو حَنِيفَةَ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَجْلِسَ لِلْحُكْمِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ لأَِنَّهُ أَشْهَرُ الْمَوَاضِعِ وَلاَ يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَجْلِسَ فِي بَيْتِهِ وَيَأْذَنَ لِلنَّاسِ وَلاَ يَمْنَعَ أَحَدًا مِنَ الدُّخُول عَلَيْهِ (١) .
وَاحْتَجُّوا فِي قَضَاءِ الْقَاضِي فِي الْمَسْجِدِ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْضُونَ فِي الْمَسْجِدِ.
وَالْمَسْأَلَةُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ:
الأُْولَى لِمَالِكٍ فِي الْوَاضِحَةِ: اسْتِحْبَابُ الْجُلُوسِ فِي رِحَابِ الْمَسْجِدِ وَكَرَاهَتُهُ فِي الْمَسْجِدِ لِيَصِل إِلَيْهِ الْكَافِرُ وَالْحَائِضُ، وَالثَّانِيَةُ: اسْتِحْبَابُ جُلُوسِهِ فِي نَفْسِ الْمَسْجِدِ وَهِيَ ظَاهِرُ قَوْل الْمُدَوَّنَةِ " وَالْقَضَاءُ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْحَقِّ وَالأَْمْرِ الْقَدِيمِ " لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ﴾ (٢)، قَال الدُّسُوقِيُّ: وَالْمُعَوَّل عَلَيْهِ مَا فِي الْوَاضِحَةِ (٣) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ كَرَاهِيَةَ اتِّخَاذِ الْمَسْجِدِ مَجْلِسًا لِلْقَضَاءِ؛ لأَِنَّ مَجْلِسَ الْقَاضِي لاَ يَخْلُو عَنِ اللَّغَطِ وَارْتِفَاعِ الأَْصْوَاتِ، وَقَدْ يَحْتَاجُ إِلَى إِحْضَارِ الْمَجَانِينِ وَالصِّغَارِ، وَالْمَسْجِدُ يُصَانُ
_________
(١) معين الحكام ص ٢٠، وتبصرة الحكام ١ / ٣٤، وشرح منتهى الإرادات ٣ / ٤٦٩، وبدائع الصنائع ٧ / ١٣، وكشاف القناع ٦ / ٣١٢.
(٢) سورة ص / ٢١.
(٣) حاشية الدسوقي ٤ / ١٣٧، والمدونة ٥ / ١٤٤.