الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣ -
يُقَلَّدَ الْجَاهِل بِالأَْحْكَامِ، لأَِنَّ الْجَاهِل قَدْ يَقْضِي بِالْبَاطِل مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُ. (١)
وَيَرَى فَرِيقٌ آخَرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاجْتِهَادِ الرَّأْيِ، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالنَّصِّ وَالْمَعْقُول، أَمَّا النَّصُّ: فَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَال لَهُ: كَيْفَ تَقْضِي؟ قَال: أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَال: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَال: فَبِسُنَّةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: أَجْتَهِدُ رَأْيِي، قَال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُول رَسُول اللَّهِ ﷺ (٢) .
وَأَمَّا الْمَعْقُول: فَإِنَّ الْقَاضِيَ مَأْمُورٌ بِالْقَضَاءِ بِالْحَقِّ، قَال تَعَالَى: ﴿يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَْرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ﴾ (٣)، وَإِنَّمَا يُمْكِنُهُ الْقَضَاءُ بِالْحَقِّ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاجْتِهَادِ الرَّأْيِ؛ لأَِنَّ الْحَوَادِثَ مَمْدُودَةٌ، وَالنُّصُوصَ مَعْدُودَةٌ، فَلاَ يَجِدُ الْقَاضِي فِي كُل حَادِثَةٍ نَصًّا يَفْصِل بِهِ الْخُصُومَةَ، فَيَحْتَاجُ إِلَى اسْتِنْبَاطِ الْمَعْنَى مِنَ النُّصُوصِ، وَإِنَّمَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالاِجْتِهَادِ (٤) .
_________
(١) بدائع الصنائع للكاساني ٧ / ٣.
(٢) حديث: " لما بعث رسول الله ﷺ معاذًا إلى اليمن. . . " سبق تخريجه ف ٧.
(٣) سورة ص / ٢٦.
(٤) شرح أدب القاضي للصدر الشهيد ١ / ١٢٦.