الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣ -

فَإِنَّ الْجَوْرَ فِي الأَْحْكَامِ وَاتِّبَاعَ الْهَوَى فِيهِ مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ وَأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ (١)، فَالأَْحَادِيثُ السَّابِقَةُ بِجُمْلَتِهَا، بَعْضُهَا مُرَغِّبٌ وَبَعْضُهَا مُرَهِّبٌ، وَالْمُرَغِّبُ مِنْهَا مَحْمُولٌ عَلَى الصَّالِحِ لِلْقَضَاءِ الْمُطِيقِ لِحَمْل عِبْئِهِ، وَالْقِيَامِ بِوَاجِبِهِ، وَالْمُرَهِّبُ مِنْهَا مَحْمُولٌ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْهُ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَل دُخُول مَنْ دَخَل فِيهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَامْتِنَاعُ مَنِ امْتَنَعَ عَنْهُ، فَقَدْ تَقَلَّدَهُ بَعْدَ الْمُصْطَفَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلاَمُهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، سَادَاتُ الإِْسْلاَمِ وَقَضَوْا بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ، وَدُخُولُهُمْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عُلُوِّ قَدْرِهِ، وَوُفُورِ أَجْرِهِ، فَإِنَّ مَنْ بَعْدَهُمْ تَبَعٌ لَهُمْ، وَوَلِيَهُ بَعْدَهُمْ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَكَابِرِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ، وَمَنْ كَرِهَ الدُّخُول فِيهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَعَ فَضْلِهِمْ وَصَلاَحِيَّتِهِمْ وَوَرَعِهِمْ مَحْمُولٌ كُرْهُهُمْ عَلَى مُبَالَغَةٍ فِي حِفْظِ النَّفْسِ، وَسُلُوكٍ لِطَرِيقِ السَّلاَمَةِ، وَلَعَلَّهُمْ رَأَوْا مِنْ أَنْفُسِهِمْ فُتُورًا أَوْ خَافُوا مِنَ الاِشْتِغَال بِهِ الإِْقْلاَل مِنْ تَحْصِيل الْعُلُومِ. (٢)

وَمِمَّنِ امْتَنَعَ عَنْ تَوَلِّي الْقَضَاءِ بَعْدَ أَنْ طُلِبَ لَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ (٣) .

_________

(١) سورة الجن / ١٥.

(٢) معين الحكام ص ٨، المغني ٩ / ٣٥، ومغني المحتاج ٤ / ٣٧٢، وتبصرة الحكام لابن فرحون ١ / ١٣، ١٤.

(٣) كتاب أدب القضاء لابن أبي الدم الحموي ص ٦٢.