الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣ -
الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ﴾، (١) وَلأَِنَّ طِبَاعَ الْبَشَرِ مَجْبُولَةٌ عَلَى التَّظَالُمِ وَمَنْعِ الْحُقُوقِ وَقَل مَنْ يُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ، وَلاَ يَقْدِرُ الإِْمَامُ عَلَى فَصْل الْخُصُومَاتِ بِنَفْسِهِ، فَدَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى تَوْلِيَةِ الْقُضَاةِ.
وَأَمَّا كَوْنُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ فَلأَِنَّهُ أَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ نَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ وَهُمَا عَلَى الْكِفَايَةِ.
وَالْقَضَاءُ مِنَ الْقُرَبِ الْعَظِيمَةِ، فَفِيهِ نُصْرَةُ الْمَظْلُومِ وَأَدَاءُ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ وَرَدُّ الظَّالِمِ عَنْ ظُلْمِهِ، وَالإِْصْلاَحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَتَخْلِيصُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَقَطْعُ الْمُنَازَعَاتِ الَّتِي هِيَ مَادَّةُ الْفَسَادِ.
٩ - وَالْقَضَاءُ تَعْتَرِيهِ الأَْحْكَامُ الْخَمْسَةُ:
فَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ إِذَا طُلِبَ لَهُ، لَكِنَّهُ لاَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إِلاَّ إِذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ مِنْ أَهْل الْبَلَدِ سِوَاهُ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَيْهِ، وَلَوِ امْتَنَعَ عَنِ الْقَبُول يَأْثَمُ كَمَا فِي سَائِرِ فُرُوضِ الأَْعْيَانِ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ يَجِبُ قَبُول الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ يَخَافُ فِتْنَةً عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ إِنْ لَمْ يَتَوَل، أَوْ مَنْ يَخَافُ ضَيَاعَ الْحَقِّ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ إِنِ امْتَنَعَ.
أَمَّا إِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ عَدَدٌ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ فَإِنْ عُرِضَ عَلَى أَحَدِهِمْ فَالأَْفْضَل لَهُ الْقَبُول
_________
(١) سورة النساء / ١٣٥.