الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣ -

وَبَعْدَ اتِّفَاقِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ عَلَى الْقِسْمَةِ بِالذَّرْعِ وَالْمِسَاحَةِ، دُونَ الْقِيمَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ بِالذَّرْعِ أَتَكُونُ ذِرَاعًا مِنَ السُّفْل بِذِرَاعٍ مِنَ الْعُلُوِّ؟ أَمْ ذِرَاعًا مِنَ السُّفْل بِذِرَاعَيْنِ مِنَ الْعُلُوِّ؟ بِالثَّانِي قَال أَبُو حَنِيفَةَ، وَبِالأَْوَّل قَال أَبُو يُوسُفَ.

أَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَجَرَى عَلَى أَصْلِهِ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ السُّكْنَى، وَلاَ تَفَاوُتَ فِيهَا؛ لأَِنَّ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى عُلُوِّهِ دُونَ رِضَاءِ صَاحِبِ السُّفْل أَوْ غَيْرِهِ، كَمَا أَنَّ لِصَاحِبِ السُّفْل أَنْ يَبْنِيَ عَلَى سُفْلِهِ دُونَ رِضَاءٍ مِنْ أَحَدٍ.

وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ صَاحِبَ الْعُلُوِّ لَيْسَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى عُلُوِّهِ إِلاَّ بِرِضَا صَاحِبِ السُّفْل، تَحَقَّقَ عِنْدَهُ تَفَاوُتٌ فِي الْمَقْصُودِ - وَهُوَ السُّكْنَى - عَلَى الْجُمْلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ تَفَاوُتٌ فِي أَصْل السُّكْنَى، فَصَاحِبُ السُّفْل يَسْكُنُ - وَهَذِهِ مَنْفَعَةٌ - وَلَهُ أَنْ يَبْنِيَ فَوْقَ سُفْلِهِ لِيَتَوَسَّعَ فِي السُّكْنَى كَمَا شَاءَ - وَهَذِهِ مَنْفَعَةٌ أُخْرَى - وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ إِلاَّ مَنْفَعَةٌ وَاحِدَةٌ، هِيَ أَصْل السُّكْنَى، دُونَ التَّوَسُّعِ فِيهَا بِالْبِنَاءِ عَلَى عُلُوِّهِ، فَإِذَا كَانَ ثَمَّ مَنْفَعَةٌ وَاحِدَةٌ فِي مُقَابِل مَنْفَعَتَيْنِ كَانَتِ الْعَدَالَةُ أَنْ تَكُونَ الْقِسْمَةُ كَذَلِكَ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ؛ لأَِنَّ الثُّلُثَ مَعَ مَنْفَعَتَيْنِ يَعْدِل الثُّلُثَيْنِ مَعَ مَنْفَعَةٍ وَاحِدَةٍ.