الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣ -
عَلَيْهِمْ وَجَبَتِ الدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَال، قِيَاسًا عَلَى مَنْ قُتِل فِي زِحَامٍ وَلَمْ يُعْرَفْ قَاتِلُهُ كَقَتِيلٍ فِي الطَّوَافِ أَوْ فِي جُمُعَةٍ (١) .
وَالْحَنَفِيَّةُ يُوجِبُونَ الْقَسَامَةَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دُونَ الْمُدَّعِي، وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَخْتَارُ الْوَلِيُّ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنَ الْمَحَلَّةِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا الْقَتِيل وَيُحَلِّفُهُمْ، وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ الصَّالِحِينَ أَوِ الْفَسَقَةَ، كَمَا يَحِقُّ لَهُ اخْتِيَارُ الشُّبَّانِ وَالشُّيُوخِ، وَيَكُونُ الاِخْتِيَارُ مِنْ أَهْل الْمَحَلَّةِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا الْقَتِيل، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ، أَيْ عَوَاقِل كُل مَنْ فِي الْمَحَلَّةِ.
وَقَدِ اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلَيْنِ فِيمَا لَوْ خَصَّ الْوَلِيُّ قَاتِلًا مُعَيَّنًا مِنْ أَهْل الْمَحَلَّةِ (٢) .
الْقَوْل الأَْوَّل: يُوجِبُ الْقَسَامَةَ عَلَى خَمْسِينَ مِنْ أَهْل الْمَحَلَّةِ؛ لأَِنَّ الْقَسَامَةَ لاَ تَسْقُطُ عَنْهُمْ إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلْوَلِيِّ بَيِّنَةٌ تُدِينُ الْقَاتِل الْمُخَصَّصَ، قَال السَّرَخْسِيُّ: وَإِنِ ادَّعَى أَهْل الْقَتِيل عَلَى بَعْضِ أَهْل الْمَحَلَّةِ الَّذِينَ وُجِدَ الْقَتِيل بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَقَالُوا: قَتَلَهُ فُلاَنٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، لَمْ يُبْطِل هَذَا حَقَّهُ، وَفِيهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ؛ لأَِنَّهُمْ ذَكَرُوا مَا كَانَ مَعْلُومًا لَنَا بِطَرِيقِ الظَّاهِرِ، وَهُوَ أَنَّ الْقَاتِل وَاحِدٌ مِنْ أَهْل الْمَحَلَّةِ، وَلَكِنَّا لاَ نَعْلَمُ ذَلِكَ حَقِيقَةً (٣) .
_________
(١) منتهى الإرادات ٣ / ٣٣٥.
(٢) أحكام القرآن للجصاص ٢ / ٢٢٧ - ٢٢٨.
(٣) المبسوط ٢٦ / ١١٤، وحاشية ابن عابدين ٦ / ٦٣٤.