الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣ -
الْجُمُعَةُ لأَِنَّ الْقَرْيَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْمَدِينَةِ، وَكَذَا إِنْ بَلَغَهُمْ صَوْتٌ مِنْ مُؤَذِّنٍ يُؤَذِّنُ فِي الْبَلْدَةِ الْمُجَاوِرَةِ بِصُورَةٍ عَادِيَّةٍ فِي الأَْوْقَاتِ الْهَادِئَةِ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ (١) .
وَلَوْ سَمِعَ أَهْل الْقَرْيَةِ النِّدَاءَ مِنْ بَلَدَيْنِ مُجَاوِرَيْنِ فَعَلَيْهِمْ حُضُورُ الأَْكْثَرِ جَمَاعَةً فَإِنِ اسْتَوَيَا فَمُرَاعَاةُ الأَْقْرَبِ أَوْلَى كَنَظِيرِهِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَقِيل: الأَْوْلَى مُرَاعَاةُ الأَْبْعَدِ لِكَثْرَةِ الأَْجْرِ بِسَبَبِ الْمَشْيِ الزَّائِدِ.
أَمَّا إِذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْقَرْيَةِ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ وَلَمْ يَبْلُغْهُمْ نِدَاءُ الأَْذَانِ مِنْ بَلَدٍ مُجَاوِرٍ فَلاَ جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ، قَالُوا: حَتَّى لَوْ كَانَتْ قَرْيَتَانِ أَوْ قُرًى مُتَقَارِبَةٌ يَبْلُغُ بَعْضَهَا نِدَاءُ بَعْضٍ، وَكُل وَاحِدَةٍ مِنْهَا يَنْقُصُ أَهْلُهَا عَنْ أَرْبَعِينَ لَمْ تَجِبِ الْجُمُعَةُ عَلَيْهِمْ وَلَمْ تَصِحَّ مِنْهُمْ بِاجْتِمَاعِهِمْ فِي إِحْدَى قُرَاهُمْ؛ لأَِنَّهُمْ غَيْرُ مُتَوَطِّنِينَ فِي مَحَل الْجُمُعَةِ (٢) .
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ أَهْل الْقَرْيَةِ لاَ يَخْلُونَ مِنْ حَالَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
_________
(١) حديث: " الجمعة على من سمع النداء ". أخرجه أبو داود (١ / ٦٤٠) من حديث عبد الله بن عمرو، وأشار إلى إعلاله بالوقف، وقال ابن حجر في الفتح (٢ / ٣٨٥) يؤيده قوله ﷺ لابن أم مكتوم: أتسمع النداء؟ قال: نعم. قال: فأجب.
(٢) مغني المحتاج ١ / ٢٧٨، المجموع للنووي ٤ / ٤٨٦ وما بعدها.