الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣ -
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إِلَى سُقُوطِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَيَقْتَرِعُ الْمُدَّعِيَانِ عَلَى الْيَمِينِ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ ﵃، وَبِهِ قَال إِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ (١) .
ثَانِيًا: وَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ بِيَدِهِمَا وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً عَلَى مِلْكِيَّتِهِ لَهَا، وَتَسَاوَتِ الْبَيِّنَتَانِ فَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ يَجْعَلُونَ هَذِهِ الصُّورَةَ كَالصُّورَةِ السَّابِقَةِ (٢)، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ مَا عَدَا قَوْلَيِ الْوَقْفِ وَالْقُرْعَةِ، إِذْ يَرَوْنَ بَقَاءَ يَدِ كُلٍّ عَلَى مَا تَحْتَ يَدِهِ مِنَ الْعَيْنِ بَعْدَ تَسَاقُطِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَلاَ يَجِيءُ الْوَقْفُ إِذْ لاَ مَعْنَى لَهُ، وَفِي الْقُرْعَةِ وَجْهَانِ (٣) .
وَكَذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ فِي الرِّوَايَةِ الرَّاجِحَةِ عِنْدَهُمْ مَعَ زِيَادَةِ أَنَّ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْيَمِينَ عَلَى صَاحِبِهِ فِي النِّصْفِ الْمَحْكُومِ لَهُ بِهِ (٤) .
وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ حَلَفَ أَنَّهَا لاَ حَقَّ لِلآْخَرِ فِيهَا، وَكَانَتِ الْيَمِينُ لَهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا، وَقَال: وَالأَْوَّل أَصَحُّ لِلْخَبَرِ (٥) .
_________
(١) المغني ٩ / ٢٨٧، ٢٨٨.
(٢) الزرقاني على المختصر ٧ / ٢١٢، رد المحتار ٨ / ٢٢، ٣٠.
(٣) مغني المحتاج ٤ / ٤٨٠، وانظر روضة الطالبين ١٢ / ٥٢.
(٤) المغني ٩ / ٢٨٠ - ٢٨١.
(٥) المغني ٩ / ٢٨١.