الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣ -
عَلَى الإِْقْرَاضِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ (١)، وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ فِيهَا أَنَّ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ شَبَّهَ الأَْعْمَال الصَّالِحَةَ وَالإِْنْفَاقَ فِي سَبِيل اللَّهِ بِالْمَال الْمُقْرَضِ، وَشَبَّهَ الْجَزَاءَ الْمُضَاعَفَ عَلَى ذَلِكَ بِبَدَل الْقَرْضِ، وَسَمَّى أَعْمَال الْبِرِّ قَرْضًا؛ لأَِنَّ الْمُحْسِنَ بَذَلَهَا لِيَأْخُذَ عِوَضَهَا، فَأَشْبَهَ مَنْ أَقْرَضَ شَيْئًا لِيَأْخُذَ عِوَضَهُ (٢) .
وَأَمَّا السُّنَّةُ، فَفِعْلُهُ ﷺ حَيْثُ رَوَى أَبُو رَافِعٍ ﵁ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِل الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُل بَكْرَهُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ فَقَال: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلاَّ خِيَارًا رُبَاعِيًّا، فَقَال: أَعْطِهِ إِيَّاهُ، إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً (٣) .
ثُمَّ مَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الأَْجْرِ الْعَظِيمِ، كَقَوْلِهِ ﷺ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا قَرْضًا مَرَّتَيْنِ إِلاَّ كَانَ كَصَدَقَتِهَا مَرَّةً (٤) .
وَأَمَّا الإِْجْمَاعُ، فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى
_________
(١) سورة البقرة / ٢٤٥.
(٢) الإشارة إلى الإيجاز للعز بن عبد السلام ص ١٢٠.
(٣) حديث أبي رافع: " أن النبي ﷺ استسلف من رجل بكرًا. . . " أخرجه مسلم (٣ / ١٢٢٤) .
(٤) حديث: " ما من مسلم يقرض مسلمًا قرضًا مرتين. . . " أخرجه ابن ماجه (٢ / ٨١٢) من حديث عبد الله بن مسعود، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (٢ / ٢٠٧٤) .