الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣ -
طُلِبَ مِنَ الْبَعْضِ فَقَطْ؛ وَلأَِنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ يَعْتَمِدُ عَدَمَ تَكْرَارِ الْمَصْلَحَةِ بِتَكَرُّرِ الْفِعْل، وَفَرْضُ الأَْعْيَانِ يَعْتَمِدُ تَكَرُّرَ الْمَصْلَحَةِ بِتَكَرُّرِ الْفِعْل، وَالْفِعْل الَّذِي تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ فِي جَمِيعِ صُوَرِهِ أَقْوَى فِي اسْتِلْزَامِ الْمَصْلَحَةِ مِنَ الَّذِي لاَ تُوجَدُ الْمَصْلَحَةُ مَعَهُ إِلاَّ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ (١) .
وعَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ بَعْضِ الْقُرَبِ عَلَى بَعْضٍ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ حَال الإِْنْسَانِ، فَقَدْ سُئِل النَّبِيُّ ﷺ: أَيُّ الْعَمَل أَفْضَل؟ فَقَال: الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا، وَسُئِل: أَيُّ الأَْعْمَال أَفْضَل؟ فَقَال: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ، وَسُئِل أَيُّ الأَْعْمَال أَفْضَل؟ فَقَال: حَجٌّ مَبْرُورٌ، وَهَذَا جَوَابٌ لِسُؤَال السَّائِل، فَيَخْتَصُّ بِمَا يَلِيقُ بِالسَّائِل مِنَ الأَْعْمَال؛ لأَِنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الأَْفْضَل إِلاَّ لِيَتَقَرَّبُوا بِهِ إِلَى ذِي الْجَلاَل، فَكَأَنَّ السَّائِل قَال: أَيُّ الأَْعْمَال أَفْضَل لِي فَقَال: " بِرُّ الْوَالِدَيْنِ "، لِمَنْ لَهُ وَالِدَانِ يَشْتَغِل بِبِرِّهِمَا، وَقَال لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْجِهَادِ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ أَفْضَل الأَْعْمَال بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ: الْجِهَادُ فِي سَبِيل اللَّهِ (٢)،
_________
(١) تهذيب الفروق بهامش الفروق ٢ / ٢٠١.
(٢) أحاديث: الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، وحج مبرور، والجهاد في سبيل الله. أخرجها البخاري (فتح الباري ١ / ٧٧، ١٠ / ٤٠٠) .