الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣ -

أَجْرًا، يَقُول ابْنُ تَيْمِيَّةَ: مَا يُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَال لَيْسَ عِوَضًا وَأُجْرَةً، بَل رِزْقٌ لِلإِْعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ، فَمَنْ عَمِل مِنْهُمْ لِلَّهِ أُثِيبَ، وَمَا يَأْخُذُهُ فَهُوَ رِزْقٌ لِلْمَعُونَةِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَال الْمَوْقُوفُ عَلَى أَعْمَال الْبِرِّ، وَالْمُوصَى بِهِ كَذَلِكَ وَالْمَنْذُورُ كَذَلِكَ، لَيْسَ كَالأُْجْرَةِ (١) .

وَذَهَبَ الْقَرَافِيُّ إِلَى أَنَّ بَابَ الأَْرْزَاقِ أَدْخَل فِي بَابِ الإِْحْسَانِ وَأَبْعَدُ عَنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ، وَبَابُ الإِْجَارَةِ أَبْعَدُ مِنْ بَابِ الْمُسَامَحَةِ وَأَدْخَل فِي بَابِ الْمُكَايَسَةِ.

وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي مَسَائِل مِنْهَا: الْقُضَاةُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ أَرْزَاقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَال عَلَى الْقَضَاءِ إِجْمَاعًا، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَأْجَرُوا عَلَى الْقَضَاءِ بِسَبَبِ أَنَّ الأَْرْزَاقَ إِعَانَةٌ مِنَ الإِْمَامِ لَهُمْ عَلَى الْقِيَامِ بِالْمَصَالِحِ، لاَ أَنَّهُ عِوَضٌ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ تَنْفِيذِ الأَْحْكَامِ عِنْدَ قِيَامِ الْحُجَجِ وَنُهُوضِهَا، وَلَوِ اسْتُؤْجِرُوا عَلَى ذَلِكَ لَدَخَلَتِ التُّهْمَةُ فِي الْحُكْمِ بِمُعَاوَضَةِ صَاحِبِ الْعِوَضِ، وَيَجُوزُ فِي الأَْرْزَاقِ الَّتِي تُطْلَقُ لِلْقَاضِي الدَّفْعُ وَالْقَطْعُ وَالتَّقْلِيل وَالتَّكْثِيرُ وَالتَّغْيِيرُ، وَلَوْ كَانَ إِجَارَةً لَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ بِعَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلاَ نَقْصٍ (٢) .

_________

(١) الاختيارات لابن تيمية ص ١٥٣.

(٢) الفروق للقرافي ٣ / ٣.