الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣ -

فَمِنْ أَمْثِلَةِ مَا تَكُونُ نِيَّةُ الْقُرْبَةِ فِيهِ لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَةِ عَنِ الْعَادَةِ: الْغُسْل، يَكُونُ تَبَرُّدًا وَعِبَادَةً، وَدَفْعُ الأَْمْوَال، يَكُونُ صَدَقَةً شَرْعِيَّةً وَمُوَاصَلَةً عُرْفِيَّةً، وَالإِْمْسَاكُ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ، يَكُونُ عِبَادَةً وَحَاجَةً، وَحُضُورُ الْمَسَاجِدِ، يَكُونُ مَقْصُودًا لِلصَّلاَةِ وَتَفَرُّجًا يَجْرِي مَجْرَى اللَّذَّاتِ، وَالذَّبْحُ، قَدْ يَكُونُ بِقَصْدِ الأَْكْل، وَقَدْ يَكُونُ لِلتَّقَرُّبِ بِإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ، فَشُرِعَتِ النِّيَّةُ لِتَمْيِيزِ الْقُرَبِ مِنْ غَيْرِهَا.

أَمَّا نِيَّةُ الْقُرْبَةِ فِي الْعِبَادَاتِ، فَهِيَ لِتَمْيِيزِ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ فِي نَفْسِهَا، لِتَتَمَيَّزَ مُكَافَأَةُ الْعَبْدِ عَلَى فِعْلِهِ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: الصَّلاَةُ، تَنْقَسِمُ إِلَى فَرْضٍ وَمَنْدُوبٍ، وَالْفَرْضُ يَنْقَسِمُ إِلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ قَضَاءً وَأَدَاءً، وَالْمَنْدُوبُ يَنْقَسِمُ إِلَى رَاتِبٍ كَالْعِيدَيْنِ وَالْوِتْرِ، وَغَيْرِ رَاتِبٍ كَالنَّوَافِل، وَكَذَلِكَ الْقَوْل فِي قُرُبَاتِ الْمَال وَالصَّوْمِ وَالنُّسُكِ (١) .

ثَالِثًا: الأَْعْمَال الْوَاجِبَةُ الْمَأْمُورُ بِهَا مِنْ غَيْرِ الْعِبَادَاتِ أَوِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا لاَ تُعْتَبَرُ قُرُبَاتٍ فِي ذَاتِهَا، لَكِنَّهَا يُمْكِنُ أَنْ تُصْبِحَ قُرُبَاتٍ إِذَا نَوَى بِهَا الْقُرْبَةَ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَاجِبَاتُ الَّتِي تَكُونُ صُوَرُ أَفْعَالِهَا كَافِيَةً فِي تَحْصِيل مَصَالِحِهَا، كَدَفْعِ الدُّيُونِ، وَرَدِّ الْمَغْصُوبِ، وَنَفَقَاتِ

_________

(١) الأشباه للسيوطي ص ١٣، والأشباه لابن نجيم ص ٢٩، والذخيرة للقرافي ص ٢٣٦ - ٢٣٧، وقواعد الأحكام ١ / ١٧٦ - ١٧٧.