الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣ -
أَنْ يَكُونَ مُتَوَاتِرًا فِي أَصْلِهِ وَأَجْزَائِهِ، وَأَمَّا فِي مَحَلِّهِ وَوَضْعِهِ وَتَرْتِيبِهِ فَعِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْل السُّنَّةِ كَذَلِكَ، أَيْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَوَاتِرًا (١) .
فَقَدْ جَاءَ فِي مُسَلَّمِ الثُّبُوتِ وَشَرْحِهِ فَوَاتِحِ الرَّحَمُوتِ: مَا نُقِل آحَادًا فَلَيْسَ بِقُرْآنٍ قَطْعًا، وَلَمْ يُعْرَفْ فِيهِ خِلاَفٌ لِوَاحِدٍ مِنْ أَهْل الْمَذَاهِبِ، وَاسْتَدَل بِأَنَّ الْقُرْآنَ مِمَّا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ لِتَضَمُّنِهِ التَّحَدِّيَ؛ وَلأَِنَّهُ أَصْل الأَْحْكَامِ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى وَالنَّظْمِ جَمِيعًا حَتَّى تَعَلَّقَ بِنَظْمِهِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ؛ وَلأَِنَّهُ يُتَبَرَّكُ بِهِ فِي كُل عَصْرٍ بِالْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ، وَلِذَا عُلِمَ جَهْدُ الصَّحَابَةِ فِي حِفْظِهِ بِالتَّوَاتُرِ الْقَاطِعِ، وَكُل مَا تَتَوَفَّرُ دَوَاعِي نَقْلِهِ يُنْقَل مُتَوَاتِرًا عَادَةً، فَوُجُودُهُ مَلْزُومٌ لِلتَّوَاتُرِ عِنْدَ الْكُل عَادَةً، فَإِذَا انْتَفَى اللاَّزِمُ وَهُوَ التَّوَاتُرُ انْتَفَى الْمَلْزُومُ قَطْعًا، وَالْمَنْقُول آحَادًا لَيْسَ مُتَوَاتِرًا، فَلَيْسَ قُرْآنًا.
كَمَا جَاءَ فِيهِ: عَلَى أَنَّ تَرْتِيبَ آيِ كُل سُورَةٍ تَوْقِيفِيٌّ بِأَمْرِ اللَّهِ وَبِأَمْرِ الرَّسُول ﷺ وَعَلَى هَذَا انْعَقَدَ الإِْجْمَاعُ، وَجَاءَ أَيْضًا: بَقِيَ أَمْرُ تَرْتِيبِ السُّوَرِ فَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَمْرِ الرَّسُول ﷺ وَقِيل هَذَا التَّرْتِيبُ بِاجْتِهَادٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. . . وَالْحَقُّ هُوَ الأَْوَّل (٢) .
_________
(١) البرهان في علوم القرآن ٢ / ١٢٥.
(٢) فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت مع المستصفى ٢ / ٩.