الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٣ - حرف القاف - قذف - قذف المحدود في الزنا
قَذْفُ الْمَحْدُودِ فِي الزِّنَا:
٣٣ - وَمَنْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ فَلاَ حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ؛ لأَِنَّهُ صَادِقٌ سَوَاءٌ قَذَفَهُ بِذَلِكَ الزِّنَا بِعَيْنِهِ، أَوْ بِزِنًا آخَرَ أَوْ مُبْهَمًا؛ لأَِنَّهُ رَمَى غَيْرَ مُحْصَنٍ؛ لأَِنَّ الْمُحْصَنَ لاَ يَكُونُ زَانِيًا، وَمَنْ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِعَدَمِ إِحْصَانِ الْمَقْذُوفِ يُعَزَّرُ؛ لأَِنَّهُ آذَى مَنْ لاَ يَجُوزُ أَذَاهُ.
قَال الشَّافِعِيَّةُ: وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَوْ تَابَ بَعْدَ زِنَاهُ وَصَلُحَ حَالُهُ، فَلَمْ يَعُدْ مُحْصَنًا أَبَدًا، وَلَوْ لاَزَمَ الْعَدَالَةَ وَصَارَ مِنْ أَوْرَعِ خَلْقِ اللَّهِ وَأَزْهَدِهِمْ، فَلاَ يُحَدُّ قَاذِفُهُ، سَوَاءٌ أَقَذَفَهُ بِذَلِكَ الزِّنَا أَمْ بِزِنًا بَعْدَهُ أَمْ أَطْلَقَ؛ لأَِنَّ الْعِرْضَ إِذَا انْخَرَمَ بِالزِّنَا لَمْ يَزُل خَلَلُهُ بِمَا يَطْرَأُ مِنَ الْعِفَّةِ، وَلاَ يَرِدُ حَدِيثُ: التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ (١) لأَِنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الآْخِرَةِ.
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ: مِنْ شُرُوطِ الْمَقْذُوفِ أَنْ يَكُونَ عَفِيفًا عَنِ الزِّنَا فِي ظَاهِرِ حَالِهِ، وَلَوْ كَانَ تَائِبًا مِنْهُ؛ لأَِنَّ التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ، ثُمَّ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْمَقْذُوفَ إِذَا أَقَرَّ بِالزِّنَا، وَلَوْ دُونَ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ أَوْ حُدَّ لِلزِّنَا، فَلاَ حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَيُعَزَّرُ.
وَحُكِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى: أَنَّهُ إِنْ
_________
(١) حديث " التائب من الذنب. . . . " أخرجه ابن ماجه (٢ / ١٤٢٠) من حديث ابن مسعود وحسنه ابن حجر كما في المقاصد الحسنة للسخاوي ص ٢٤٩.