الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢ - حرف القاف - قدرة - ما تتحقق به القدرة
قَوْله تَعَالَى: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا﴾ (١) أَيْ طَاقَتَهَا وَقُدْرَتَهَا.
وَيَقُول الْجَصَّاصُ: نَصُّ التَّنْزِيل قَدْ أَسْقَطَ التَّكْلِيفَ عَمَّنْ لاَ يَقْدِرُ عَلَى الْفِعْل وَلاَ يُطِيقُهُ، مِنْ ذَلِكَ سُقُوطُ الْفَرْضِ عَنِ الْمُكَلَّفِينَ فِيمَا لاَ تَتَّسِعُ لَهُ قُوَاهُمْ، لأَِنَّ الْوُسْعَ هُوَ دُونَ الطَّاقَةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِمُ اسْتِفْرَاغُ الْجَهْدِ فِي أَدَاءِ الْفَرْضِ، نَحْوُ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ الَّذِي يَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَيُؤَدِّي إلَى ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ فِي جِسْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ الْمَوْتَ بِفِعْلِهِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ صَوْمُهُ، لأَِنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّفْهُ إلاَّ مَا يَتَّسِعُ لِفِعْلِهِ.
وَقَدْ قَسَّمَ الْحَنَفِيَّةُ الْقُدْرَةَ إلَى قُدْرَةٍ مُمْكِنَةٍ، وَهِيَ مُفَسَّرَةٌ بِسَلاَمَةِ الآْلاَتِ وَصِحَّةِ الأَْسْبَابِ، وَإِلَى قُدْرَةٍ مُيَسَّرَةٌ، وَهِيَ الَّتِي يَقْدِرُ بِهَا الإِْنْسَانُ عَلَى الْفِعْل مَعَ يُسْرٍ (٢) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (اسْتِطَاعَةٌ ف ١٠) وَالْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
مَا تَتَحَقَّقُ بِهِ الْقُدْرَةُ:
يَخْتَلِفُ مَا تَتَحَقَّقُ بِهِ الْقُدْرَةُ بِاخْتِلاَفِ التَّصَرُّفَاتِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي الْعِبَادَاتِ أَمْ فِي
_________
(١) سورة البقرة / ٢٨٦.
(٢) كشف الأسرار ١ / ١٩٢ - ١٩٣، والتلويح على التوضيح ١ / ١٩٨ وما بعدها، ومسلم الثبوت ١ / ١٣٥ - ١٣٧، وأحكام القرآن للجصاص ١ / ٥٣٧ - ٥٣٨.