الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢ -

أَحْسَنُ﴾، (١) وَلاَ يَجُوزُ لَهُمُ الْقِتَال قَبْل الدَّعْوَةِ.

وَالدَّعْوَةُ دَعْوَتَانِ: دَعْوَةٌ بِالْبَنَانِ وَهِيَ الْقِتَال، وَدَعْوَةٌ بِالْبَيَانِ وَهُوَ اللِّسَانُ وَذَلِكَ بِالتَّبْلِيغِ، وَالثَّانِيَةُ أَهْوَنُ مِنَ الأُْولَى، لأَِنَّ فِي الْقِتَال مُخَاطَرَةً بِالرُّوحِ وَالنَّفْسِ وَالْمَال، وَلَيْسَ فِي دَعْوَةِ التَّبْلِيغِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا اُحْتُمِل حُصُول الْمَقْصُودِ بِأَهْوَنِ الدَّعْوَتَيْنِ لَزِمَ الاِفْتِتَاحُ بِهَا. هَذَا إذَا كَانَتِ الدَّعْوَةُ لَمْ تَبْلُغْهُمْ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْهُمْ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَفْتَتِحُوا الْقِتَال مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ الدَّعْوَةِ، لأَِنَّ الْحُجَّةَ لاَزِمَةٌ، وَالْعُذْرَ فِي الْحَقِيقَةِ مُنْقَطِعٌ، وَشُبْهَةَ الْعُذْرِ انْقَطَعَتْ بِالتَّبْلِيغِ مَرَّةً، لَكِنْ مَعَ هَذَا الأَْفْضَل أَنْ لاَ يَفْتَتِحُوا الْقِتَال إلاَّ بَعْدَ تَجْدِيدِ الدَّعْوَةِ لِرَجَاءِ الإِْجَابَةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ مَا قَاتَل قَوْمًا حَتَّى يَدْعُوَهُمْ (٢)، فَإِنْ أَسْلَمُوا كَفُّوا عَنْهُمُ الْقِتَال، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوا لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلاَّ بِحَقِّهَا، (٣) فَإِنْ أَبَوُا الإِْجَابَةَ إلَى الإِْسْلاَمِ دَعَوْهُمْ إلَى الذِّمَّةِ إلاَّ

_________

(١) سورة النحل / ١٢٥.

(٢) حديث أن رسول الله ﷺ: " ما قاتل قومًا حتى يدعوهم ". أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٥ / ٣٠٤) وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني بأسانيد، ورجال أحدهما رجال الصحيح.

(٣) حديث: " أمرت أن أقاتل الناس. . . ". أخرجه مسلم (١ / ٥٣) من حديث جابر بن عبد الله.