الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢ -
الْقَبْضِ الرُّجُوعُ فِيهَا، فَإِذَا قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ لَزِمَتْ، لَكِنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَالُوا: لِلأَْبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَةِ وَلَدِهِ، وَكَذَلِكَ لِسَائِرِ الأُْصُول عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ (١) .
غَيْرَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْعَقْدِ إذَا مَاتَ الْوَاهِبُ أَوِ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْل قَبْضِهَا.
فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إنْ مَاتَ الْوَاهِبُ أَوِ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْل الْقَبْضِ لَمْ يَنْفَسِخِ الْعَقْدُ، لأَِنَّهُ يَئُول إلَى اللُّزُومِ، وَيَقُومُ الْوَارِثُ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إذَا مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْل الْقَبْضِ بَطَل الْعَقْدُ، أَمَّا إذَا مَاتَ الْوَاهِبُ فَلاَ تَبْطُل الْهِبَةُ، وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الإِْقْبَاضِ أَوِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ.
وَاسْتَدَل جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي لُزُومِ الْهِبَةِ بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال لأُِمِّ سَلَمَةَ: إنِّي أَهْدَيْتُ إلَى النَّجَاشِيِّ أُوَاقًا مِنْ مِسْكٍ، وَإِنِّي لاَ أَرَاهُ إلاَّ قَدْ مَاتَ، وَلاَ أَرَى الْهَدِيَّةَ الَّتِي أَهْدَيْتُ إلَيْهِ إلاَّ سَتُرَدُّ فَإِذَا رُدَّتْ إلَيَّ فَهُوَ لَكِ أَمْ لَكُمْ (٢)، وَبِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: يَقُول ابْنُ آدَمَ مَالِي مَالِي. . وَهَل لَكَ مِنْ مَالِكَ إلاَّ مَا أَكَلْتَ
_________
(١) روضة الطالبين ٥ / ٣٧٥، والأم ٣ / ٢٨٥ بولاق، والمهذب ١ / ٤٥٤، وكفاية الأخيار ١ / ١٧٦، والأشباه والنظائر للسيوطي ص ٢٨١، وكشاف القناع ٤ / ٢٥٣ وما بعدها. ط السنة المحمدية، والمغني ٥ / ٥٩١ وما بعدها. ط. دار المنار.
(٢) حديث: " إني أهديت إلى النجاشي أواقًا من مسك. . . ". تقدم تخريجه ف ٣٤.