الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢ -
الْحَنَابِلَةِ إلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَوْسِيعُ الْقَبْرِ وَتَعْمِيقُهُ قَدْرَ قَامَةٍ وَبَسْطَةٍ، وَالْمُرَادُ قَامَةُ رَجُلٍ مُعْتَدِلٍ يَقُومُ وَيَبْسُطُ يَدَهُ مَرْفُوعَةً، فَقَدْ أَوْصَى عُمَرُ ﵁ أَنْ يُعَمَّقَ قَبْرُهُ قَامَةً وَبَسْطَةً (١) . وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ حَدَّ لأَِكْثَرِهِ لَكِنْ يُنْدَبُ عَدَمُ عُمْقِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَال: لاَ تُعَمِّقُوا قَبْرِي فَإِنَّ خَيْرَ الأَْرْضِ أَعْلاَهَا وَشَرَّهَا أَسْفَلُهَا (٢) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ إلَى أَنَّهُ يُسَنُّ تَعْمِيقُ الْقَبْرِ وَتَوْسِيعُهُ بِلاَ حَدٍّ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ فِي قَتْلَى أُحُدٍ: احْفِرُوا وَأَعْمِقُوا وَأَحْسِنُوا (٣)، وَلأَِنَّ تَعْمِيقَ الْقَبْرِ أَنْفَى لِظُهُورِ الرَّائِحَةِ الَّتِي تَسْتَضِرُّ بِهَا الأَْحْيَاءُ، وَأَبْعَدُ لِقُدْرَةِ الْوَحْشِ عَلَى نَبْشِهِ وَآكَدُ لِسَتْرِ الْمَيِّتِ (٤) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: الأَْحْسَنُ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارَ قَامَةٍ، وَطُولُهُ عَلَى طُول قَدْرِ الْمَيِّتِ، وَعَرْضُهُ
_________
(١) روضة الطالبين ٢ / ١٣٢، وكشاف القناع ٢ / ١٣٤.
(٢) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ١ / ٤١٩، ٤٢٩، وحاشية العدوي على الخرشي ٢ / ١٣٠، ١٤٥.
(٣) حديث: " احفروا وأعمقوا وأحسنوا ". أخرجه النسائي (٤ / ٨١) من حديث هشام بن عامر، وأخرجه الترمذي (٤ / ٢١٣) بلفظ مقارب وقال: " حديث حسن صحيح ".
(٤) كشاف القناع ٢ / ١٣٣، والإنصاف ٢ / ٥٤٥، والمغني ٢ / ٤٩٧.