الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢ -

أَمَّا مَا سِوَى الزَّكَاةِ مِنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ صَرْفِهَا لِفُقَرَاءِ أَهْل الذِّمَّةِ.

فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى فُقَرَاءِ أَهْل الذِّمَّةِ، لأَِنَّ فَقِيرَهُمْ كَافِرٌ فَلَمْ يَجُزِ الدَّفْعُ إلَيْهِ كَفُقَرَاءِ أَهْل الْحَرْبِ. (١)

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إلَى جَوَازِ صَرْفِهَا إلَى فُقَرَاءِ أَهْل الذِّمَّةِ، وَقَالاَ: إنَّ اللَّهَ ﷾ قَال: ﴿إنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾، (٢) مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ فَقِيرٍ وَفَقِيرٍ، وَعُمُومُ هَذَا النَّصِّ يَقْتَضِي جَوَازَ صَرْفِ الزَّكَاةِ إلَيْهِمْ، إلاَّ أَنَّهُ خَصَّ مِنْهُ زَكَاةَ الْمَال، لِحَدِيثِ مُعَاذٍ الْمُتَقَدِّمِ، وَلأَِنَّ صَرْفَ الصَّدَقَةِ إلَى أَهْل الذِّمَّةِ مِنْ بَابِ إيصَال الْبِرِّ إلَيْهِمْ، وَمَا نُهِينَا عَنْ ذَلِكَ، قَال تَعَالَى: ﴿لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾، (٣) وَظَاهِرُ هَذَا النَّصِّ جَوَازُ صَرْفِ الزَّكَاةِ إلَيْهِمْ، لأَِنَّهُ بِرٌّ بِهِمْ، إلاَّ أَنَّ الْبِرَّ بِطَرِيقِ زَكَاةِ الْمَال غَيْرُ مُرَادٍ، لِحَدِيثِ مُعَاذٍ، فَيَبْقَى غَيْرُهَا مِنْ طُرُقِ الْبِرِّ بِهِمْ جَائِزًا. (٤)

_________

(١) مغني المحتاج ٣ / ٣٦٦، المغني ٧ / ٣٧٦.

(٢) سورة البقرة / ٢٧١.

(٣) سورة الممتحنة / ٨.

(٤) بدائع الصنائع ٢ / ٤٩.