الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢ - حرف الفاء - فقه - الاختلاف في أحكام الفروع الفقهية وأسبابه
كَانَ اجْتِهَادُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ فِي حَيَاتِهِ مَرَدُّهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يُقِرُّهُ أَوْ يُنْكِرُهُ. . وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ الْوَحْيُ مَصْدَرَ التَّشْرِيعِ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ.
ثُمَّ تَتَابَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ ﷺ أَطْوَارٌ مُتَعَدِّدَةٌ يُنْظَرُ تَفْصِيلُهَا فِي ف ١٣ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ مُقَدِّمَةِ الْجُزْءِ الأَْوَّل مِنَ الْمَوْسُوعَةِ الْفِقْهِيَّةِ.
الاِخْتِلاَفُ فِي أَحْكَامِ الْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ وَأَسْبَابُهُ:
٨ - كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقْضِي فِيمَا يُرْفَعُ إِلَيْهِ مِنْ وَقَائِعَ وَكَانَ يُقِرُّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ عَلَى اجْتِهَادِهِمْ أَوْ يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ كُل مَا قَضَى بِهِ أَوْ أَقَرَّهُ أَوْ أَنْكَرَهُ مَكْتُوبًا أَوْ بِمَشْهَدٍ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، فَرَأَى كُل صَحَابِيٍّ مَا يَسَّرَ اللَّهُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَحَفِظَ وَعَرَفَ وَجْهَهُ، ثُمَّ تَفَرَّقَ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي الْبِلاَدِ، وَصَارَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ قُدْوَةً لَهُ أَتْبَاعٌ، وَكَثُرَتِ الْوَقَائِعُ وَالْمَسَائِل فَاسْتُفْتُوا فِيهَا، فَأَجَابَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَسَبَ مَا حَفِظَهُ أَوِ اسْتَنْبَطَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِيمَا حَفِظَهُ أَوِ اسْتَنْبَطَهُ مَا يَصْلُحُ لِلْجَوَابِ اجْتَهَدَ بِرَأْيِهِ (١) اسْتِنَادًا إِلَى حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ﵁ حِينَ بَعَثَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِلَى الْيَمَنِ، وَقَال لَهُ: كَيْفَ
_________
(١) الإنصاف في بيان الخلاف لولي الله الدهلوي ص١٦ وما بعدها.