الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢ - حرف الفاء - فقه - فضل الفقه
ثُمَّ مَا يَجِبُ وُجُوبَ عَيْنٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ هُوَ مَا يَتَوَقَّفُ أَدَاءُ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ غَالِبًا، دُونَ مَا يَطْرَأُ نَادِرًا، فَإِنْ حَدَثَ النَّادِرُ وَجَبَ التَّعَلُّمُ حِينَئِذٍ، أَمَّا الْبُيُوعُ وَالنِّكَاحُ وَسَائِرُ الْمُعَامَلاَتِ مِمَّا لاَ يَجِبُ أَصْلُهُ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ يُرِيدُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ تَعَلُّمُ أَحْكَامِهِ لِيَحْتَرِزَ عَنِ الشُّبُهَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ، وَكَذَا كُل أَهْل الْحِرَفِ، فَكُل مَنْ يُمَارِسُ عَمَلًا يَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُ الأَْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ لِيَمْتَنِعَ عَنِ الْحَرَامِ.
وَقَدْ يَكُونُ تَعَلُّمُ الْفِقْهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَهُوَ مَا لاَ بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْهُ فِي إِقَامَةِ دِينِهِمْ، كَحِفْظِ الْقُرْآنِ وَالأَْحَادِيثِ وَعُلُومِهِمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَقَدْ يَكُونُ تَعَلُّمُ الْفِقْهِ نَافِلَةً، وَهُوَ التَّبَحُّرُ فِي أُصُول الأَْدِلَّةِ وَالإِْمْعَانُ فِيمَا وَرَاءَ الْقَدْرِ الَّذِي يَحْصُل بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ، وَتَعَلُّمُ الْعَامِّيِّ نَوَافِل الْعِبَادَاتِ لِغَرَضِ الْعَمَل، لاَ مَا يَقُومُ بِهِ الْعُلَمَاءُ مِنْ تَمْيِيزِ الْفَرْضِ مِنَ النَّفْل، فَإِنَّ ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي حَقِّهِمْ (١) .
فَضْل الْفِقْهِ:
٥ - وَرَدَتْ آيَاتٌ وَأَحَادِيثُ فِي فَضْل الْفِقْهِ وَالْحَثِّ عَلَى تَحْصِيلِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُل فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي
_________
(١) المجموع للنووي ١ / ٢٤ - ٢٥، وحاشية ابن عابدين ١ / ٢٩.