الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢ - حرف الفاء - فضائل - الأحكام المتعلقة بالفضائل - رابعا - فضل بعض الأمكنة على بعض
الْمُتَمَكِّنُونَ مِنْهُ كُلُّهُمْ، وَلاَ شَكَّ فِي عِظَمِ وَقْعِ مَا هَذِهِ صِفَتُهُ (١) .
رَابِعًا - فَضْل بَعْضِ الأَْمْكِنَةِ عَلَى بَعْضٍ:
٧ - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الأَْمَاكِنِ أَفْضَل مِنَ الْبَعْضِ الآْخَرِ بِمَا أَوْدَعَ اللَّهُ فِيهَا مِنْ فَضْلِهِ، وَمَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ إِكْرَامِهِ لِعِبَادِهِ، لاَ بِصِفَاتٍ قَائِمَةٍ فِيهَا، لأَِنَّ الأَْمَاكِنَ فِي الأَْصْل مُتَمَاثِلَةٌ وَمُتَسَاوِيَةٌ.
وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ وَالْمَدِينَةَ الْمُنَوَّرَةَ هُمَا أَفْضَل بِقَاعِ الأَْرْضِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي أَيِّهِمَا أَفْضَل؟ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، مِنْهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، إِلَى أَنَّ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ أَفْضَل مِنَ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، لِوُجُوهٍ عَدَّدَهَا الْعُلَمَاءُ:
أَحَدُهَا: وُجُوبُ قَصْدِهَا لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَهَذَانِ وَاجِبَانِ لاَ يَقَعُ مِثْلُهُمَا فِي الْمَدِينَةِ.
الثَّانِي: إِنْ فُضِّلَتِ الْمَدِينَةُ بِإِقَامَةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ فِيهَا بَعْدَ النُّبُوَّةِ، كَانَتْ مَكَّةُ أَفْضَل مِنْهَا، لأَِنَّهُ ﷺ أَقَامَ فِيهَا بَعْدَ النُّبُوَّةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرًا.
الثَّالِثُ: إِنْ فُضِّلَتِ الْمَدِينَةُ بِكَثْرَةِ الطَّارِقِينَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَمَكَّةُ أَفْضَل مِنْهَا
_________
(١) حاشية ابن عابدين ١ / ٣٠، والمجموع للنووي ١ / ٢٢، والقليوبي وعميرة ٤ / ٢١٣، وقواعد الأحكام للعزّ ابن عبد السلام ١ / ٤٨.