الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢ - حرف الفاء - فسق - الفاسق وولاية النكاح

الْفَاسِقِ فِي أَشْيَاءَ، مِنْهَا: أُمُورُ الْمُعَامَلاَتِ، فَيُقْبَل فِيهَا خَبَرُ الْفَاسِقِ، وَذَلِكَ نَحْوُ الْهَدِيَّةِ إِذَا قَال لَكَ: إِنَّ فُلاَنًا أَهْدَى إِلَيْكَ هَذَا، فَيَجُوزُ قَبُولُهُ وَقَبْضُهُ، وَنَحْوُ قَوْلِهِ: وَكَّلَنِي فُلاَنٌ بِبَيْعِ كَذَا، فَيَجُوزُ قَبُولُهُ وَشِرَاؤُهُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ أَخْبَارِ الْمُعَامَلاَتِ (١) .

وَنَصَّ الْقُرْطُبِيُّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ رَسُولًا عَنْ غَيْرِهِ فِي قَوْلٍ يُبَلِّغُهُ، أَوْ شَيْءٍ يُوصِلُهُ، أَوْ إِذْنٍ يُعْلِمُهُ، إِذَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حَقِّ الْمُرْسِل وَالْمُبَلِّغِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِمَا لَمْ يُقْبَل قَوْلُهُ، وَهَذَا جَائِزٌ لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَصَرَّفْ بَيْنَ الْخَلْقِ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي إِلاَّ الْعُدُول، لَمْ يَحْصُل مِنْهَا شَيْءٌ، لِعَدَمِهِمْ فِي ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ نُدْرَتُهُمْ (٢) .

الْفَاسِقُ وَوِلاَيَةُ النِّكَاحِ:

١٤ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْفَاسِقَ يَكُونُ وَلِيًّا فِي النِّكَاحِ عَلَى مُوَلِّيَتِهِ، لأَِنَّهُ يَلِي مَالَهَا فَيَلِي بُضْعَهَا كَالْعَدْل، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا فِي دِينِهِ إِلاَّ أَنَّ غَيْرَتَهُ مُتَوَفِّرَةٌ، وَبِهَا يَحْمِي الْحَرِيمَ، وَقَدْ يَبْذُل الْمَال وَيَصُونُ الْحُرْمَةَ، وَإِذَا وَلِيَ الْمَال فَالنِّكَاحُ أَوْلَى.

إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ كَرِهُوا لِلْوَلِيِّ الْفَاسِقِ أَنْ يَلِيَ زَوَاجَ مَنْ يَلِي عَلَيْهَا، وَقَدَّمُوا عَلَيْهِ الْوَلِيَّ الْعَدْل

_________

(١) أحكام القرآن للجصاص ٣ / ٣٩٨ ط الأستانة.

(٢) تفسير القرطبي ١٦ / ٣١١.