الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢ -
إِخْوَانًا، فَيَكُونُ ذَلِكَ مَنْعًا لَهُمْ عَنِ التَّقَاطُعِ وَالتَّدَابُرِ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الاِخْتِلاَفِ فِي الْفُرُوعِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ اخْتِلاَفًا، إِذْ الاِخْتِلاَفُ مَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الاِئْتِلاَفُ وَالْجَمْعُ وَالَّذِي هُوَ سَبَبُ الْفَسَادِ (١) .
وَقَال تَعَالَى: ﴿وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ . (٢)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفَرَّقَتِ النَّصَارَى عَلَى إِحْدَى أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً. (٣)
قَال أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ التَّمِيمِيُّ: إِنَّهُ ﷺ لَمْ يُرِدْ بِالْفِرَقِ الْمَذْمُومَةِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي فُرُوعِ الْفِقْهِ مِنْ أَبْوَابِ الْحَلاَل وَالْحَرَامِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ بِالذَّمِّ مَنْ خَالَفَ أَهْل الْحَقِّ فِي أَصْل التَّوْحِيدِ، وَفِي تَقْدِيرِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَفِي شُرُوطِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، وَفِي مُوَالاَةِ الصَّحَابَةِ وَمَا جَرَى مَجْرَى هَذِهِ الأَْبْوَابِ،
_________
(١) تفسير القرطبي جـ٤ / ١٥٩.
(٢) سورة آل عمران / ١٠٥.
(٣) (٢) حديث أبي هريرة: " افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة. . . ". أخرجه أبو داود (٥ / ٢)، والحاكم (١ / ١٢٨)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.