الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢ -
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجُوزُ لِلإِْمَامِ مُفَادَاتُهُمْ بِالأَْسْرَى، وَبِالْمَال إِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، إِذَا كَانَ الأَْسِيرُ لَهُ ثَمَّ عَشِيرَةٌ يَأْمَنُ مَعَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَدِينِهِ، وَإِلاَّ فَلاَ يَجُوزُ، لِحُرْمَةِ الإِْقَامَةِ بِدَارِ الْحَرْبِ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ عَشِيرَةٌ تَمْنَعُ عَنْهُ. (١)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ أَسْلَمَ الأَْسِيرُ صَارَ رَقِيقًا كَالْمَرْأَةِ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُفَادَى إِلاَّ بِإِذْنِ الْغَانِمِينَ، لأَِنَّهُ صَارَ مَالًا لَهُمْ، لأَِنَّهُ أَسِيرٌ يَحْرُمُ قَتْلُهُ فَصَارَ رَقِيقًا كَالْمَرْأَةِ، وَقِيل: يَحْرُمُ الْقَتْل، وَيُخَيَّرُ فِيهِمُ الأَْسِيرُ بَيْنَ رِقٍّ وَمَنٍّ وَفِدَاءٍ.
وَيَحْرُمُ رَدُّهُ إِلَى الْكُفَّارِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَنْ يَمْنَعُهُ مِنَ الْكُفَّارِ مِنْ عَشِيرَةٍ وَنَحْوِهَا، (٢) وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ: أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ ﷺ: أَسَرُوا رَجُلًا فَأَسْلَمَ، وَفَادَى بِهِ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ (٣) .
وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لِلإِْمَامِ أَنْ يُفَادِيَ بِالأَْسِيرِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي سَهْمِ أَحَدِ الْغَانِمِينَ، رَضِيَ أَمْ أَبَى، وَيُعَوِّضَهُ قِيمَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَال، لأَِنَّ تَخْلِيصَ الْمُسْلِمِ مِنَ الأَْسْرِ فَرْضٌ عَلَيْهِ وَعَلَى كُل مُسْلِمٍ، بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ
_________
(١) نهاية المحتاج ٨ / ٦٦، وأسنى المطالب ٤ / ١٩٣.
(٢) كشاف القناع ٣ / ٥٤، والمغني ٨ / ٣٧٤.
(٣) حديث: " أن أصحاب النبي ﷺ أسروا رجلًا فأسلم. . . ". تقدم ف٧ من حديث عمران بن الحصين.