الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢ -

أَظْهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَرَهَا، لِئَلاَّ يُعَرِّضَ صَاحِبَهَا لِلْوَحْشَةِ، وَيُرِيحَهُ مِنْ تَحَمُّل الْعُذْرِ.

وَأَمَّا نِسْيَانُ الأَْذِيَّةِ فَهُوَ بِأَنْ تَنْسَى أَذِيَّةَ مَنْ نَالَكَ بِأَذًى لِيَصْفُوَ قَلْبُكَ لَهُ وَلاَ تَسْتَوْحِشَ مِنْهُ.

قَال ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ: وَهُنَا نِسْيَانٌ آخَرُ أَيْضًا وَهُوَ مِنَ الْفُتُوَّةِ، وَهُوَ نِسْيَانُ إِحْسَانِكَ إِلَى مَنْ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ مِنْكَ، وَهَذَا النِّسْيَانُ أَكْمَل مِنَ الأَْوَّل. (١)

وَمِنْ دَرَجَاتِهَا كَذَلِكَ: أَنْ تُقَرِّبَ مَنْ يُقْصِيكَ، وَتُكْرِمَ مَنْ يُؤْذِيكَ، وَتَعْتَذِرَ إِلَى مَنْ يَجْنِي عَلَيْكَ، سَمَاحَةً لاَ كَظْمًا، وَمَوَدَّةً لاَ مُصَابَرَةً.

وَهَذِهِ الدَّرَجَةُ أَعْلَى مِمَّا قَبْلَهَا وَأَصْعَبُ، فَإِنَّ الأُْولَى تَتَضَمَّنُ تَرْكَ الْمُقَابَلَةِ وَالتَّغَافُل، وَهَذِهِ تَتَضَمَّنُ الإِْحْسَانَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ، وَمُعَامَلَتَهُ بِضِدِّ مَا عَامَلَكَ بِهِ، فَيَكُونُ الإِْحْسَانُ وَالإِْسَاءَةُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ خُطَّتَيْنِ: فَخُطَّتُكَ الإِْحْسَانُ، وَخُطَّتُهُ الإِْسَاءَةُ.

وَمَعْنَى الاِعْتِذَارِ إِلَى مَنْ يَجْنِي عَلَيْكَ أَنَّكَ تُنَزِّل نَفْسَكَ مَنْزِلَةَ الْجَانِي لاَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَالْجَانِي خَلِيقٌ بِالْعُذْرِ (٢) .

وَلِلتَّفْصِيل (ر: مُرُوءَة) .

_________

(١) مدارج السالكين ٢ / ٣٤٤، ٣٤٥.

(٢) مدارج السالكين ٢ / ٣٤٥، ٣٤٦.