الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢ -

التَّرْجِيحَ يَكُونُ بِاعْتِقَادِ الْمُسْتَفْتِي فِي الَّذِينَ أَفْتَوْهُ أَيُّهُمْ أَعْلَمُ، فَيَأْخُذُ بِقَوْلِهِ، وَيَتْرُكُ قَوْل مَنْ عَدَاهُ.

قَال الْغَزَالِيُّ: التَّرْجِيحُ بِالأَْعْلَمِيَّةِ وَاجِبٌ، لأَِنَّ الْخَطَأَ مُمْكِنٌ بِالْغَفْلَةِ عَنْ دَلِيلٍ قَاطِعٍ، وَبِالْحُكْمِ قَبْل تَمَامِ الاِجْتِهَادِ وَاسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ، وَالْغَلَطُ أَبْعَدُ عَنِ الأَْعْلَمِ لاَ مَحَالَةَ، كَالْمَرِيضِ إِذَا اخْتَلَفَ عَلَيْهِ طَبِيبَانِ، فَإِنْ خَالَفَ أَفْضَلَهُمَا عُدَّ مُقَصِّرًا، وَيُعْلَمُ أَفْضَل الطَّبِيبَيْنِ أَوِ الْعَالِمَيْنِ بِتَوَاتُرِ الأَْخْبَارِ، وَبِإِذْعَانِ الْمَفْضُول لَهُ، وَبِالتَّسَامُعِ وَالْقَرَائِنِ دُونَ الْبَحْثِ عَنْ نَفْسِ الْعِلْمِ، وَالْعَامِّيُّ أَهْلٌ لِذَلِكَ، فَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُخَالِفَ الأَْفْضَل بِالتَّشَهِّي. اهـ.

وَقَال الشَّاطِبِيُّ: لاَ يَتَخَيَّرُ، لأَِنَّ فِي التَّخْيِيرِ إِسْقَاطَ التَّكْلِيفِ، وَمَتَى خَيَّرْنَا الْمُقَلِّدِينَ فِي اتِّبَاعِ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ مَرْجِعٌ إِلاَّ اتِّبَاعُ الشَّهَوَاتِ وَالْهَوَى فِي الاِخْتِيَارِ، وَلأَِنَّ مَبْنَى الشَّرِيعَةِ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ، هُوَ حُكْمُ اللَّهِ فِي ذَلِكَ الأَْمْرِ اهـ، وَقِيَاسًا عَلَى الْمُفْتِي: فَإِنَّهُ لاَ يَحِل لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِأَيِّ الرَّأْيَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ دُونَ نَظَرٍ فِي التَّرْجِيحِ إِجْمَاعًا كَمَا تَقَدَّمَ.

وَقَال الْغَزَالِيُّ: إِنْ تَسَاوَى الْمُفْتِيَانِ فِي اعْتِقَادِ الْمُسْتَفْتِي، وَعَجَزَ عَنِ التَّرْجِيحِ تَخَيَّرَ، لأَِنَّ هَذَا مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ، وَقَال ابْنُ الْقَيِّمِ وَصَاحِبُ الْمَحْصُول: عَلَيْهِ التَّرْجِيحُ