الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٢ - حرف الفاء - فتوى - إفتاء القاضي
وَقَدْ نَبَّهَ أَحْمَدُ إِلَى خِصَالٍ مُكَمِّلَةٍ لِلْمُفْتِي حَيْثُ قَال: لاَ يَنْبَغِي لِلرَّجُل أَنْ يَنْصِبَ نَفْسَهُ لِلْفُتْيَا حَتَّى يَكُونَ فِيهِ خَمْسُ خِصَالٍ: أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نُورٌ، وَلاَ عَلَى كَلاَمِهِ نُورٌ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ عِلْمٌ وَحِلْمٌ وَوَقَارٌ وَسَكِينَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ قَوِيًّا عَلَى مَا هُوَ فِيهِ وَعَلَى مَعْرِفَتِهِ، وَالْكِفَايَةُ وَإِلاَّ مَضَغَهُ النَّاسُ، وَمَعْرِفَةُ النَّاسِ. (١)
إِفْتَاءُ الْقَاضِي:
٢١ - لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُفْتِيَ فِي الْعِبَادَاتِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لاَ مَدْخَل فِيهِ لِلْقَضَاءِ كَالذَّبَائِحِ وَالأَْضَاحِيِّ.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِفْتَائِهِ فِي الأُْمُورِ الَّتِي يَدْخُلُهَا الْقَضَاءُ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ إِلَى أَنَّهُ يُفْتِي فِيهَا أَيْضًا بِلاَ كَرَاهَةٍ.
وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ، لأَِنَّهُ مَوْضِعُ تُهْمَةٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إِنْ أَفْتَى فِيهَا تَكُونُ فُتْيَاهُ كَالْحُكْمِ عَلَى الْخَصْمِ، وَلاَ يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَقْتَ الْمُحَاكَمَةِ، وَلأَِنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ وَقْتَ الْحُكْمِ، أَوْ تَظْهَرُ لَهُ قَرَائِنُ لَمْ تَظْهَرْ لَهُ عِنْدَ الإِْفْتَاءِ، فَإِنْ حَكَمَ بِخِلاَفِ
_________
(١) إعلام الموقعين ٤ / ١٩٩، ٢٠٥.