الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣١ -
وَحَدُّ الْغَيْبَةِ الْمُنْقَطِعَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ لاَ تَصِل إِلَيْهَا الْقَوَافِل فِي السَّنَةِ إِلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقُدُورِيِّ، وَقِيل: أَدْنَى مُدَّةِ السَّفَرِ؛ لأَِنَّهُ لاَ نِهَايَةَ لأَِقْصَاهُ، وَقِيل: إِذَا كَانَ بِحَالٍ يَفُوتُ الْخَاطِبُ الْكُفْءُ بِاسْتِطْلاَعِ رَأْيِ الْوَلِيِّ (١) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْغَيْبَةَ الْمُنْقَطِعَةَ هِيَ مَا لاَ تُقْطَعُ إِلاَّ بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ، قَال الْبُهُوتِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمُوَفَّقِ: وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ. فَإِنَّ التَّحْدِيدَ بَابُهُ التَّوْقِيفُ وَلاَ تَوْقِيفَ، وَتَكُونُ الْغَيْبَةُ الْمُنْقَطِعَةُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، لأَِنَّ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ (٢) .
وَقَالُوا: إِنْ كَانَ الأَْقْرَبُ أَسِيرًا أَوْ مَحْبُوسًا فِي مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ لاَ يُمْكِنُ مُرَاجَعَتُهُ أَوْ تَتَعَذَّرُ فَزَوَّجَ الأَْبْعَدُ صَحَّ، لأَِنَّهُ صَارَ كَالْبَعِيدِ، كَمَا يَصِحُّ إِذَا كَانَ الأَْقْرَبُ غَائِبًا لاَ يُعْلَمُ مَحَلُّهُ أَقَرِيبٌ هُوَ أَمْ بَعِيدٌ؟ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ قَرِيبُ الْمَسَافَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ (٣) .
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ الْمُجْبِرَ الأَْقْرَبَ إِذَا كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً زَوَّجَ الْحَاكِمُ ابْنَةَ الْغَائِبِ الْمُجْبَرَةِ، دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الأَْوْلِيَاءِ، وَلاَ يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا فِي
_________
(١) فتح القدير مع الهداية ٢ / ٤١٦.
(٢) كشاف القناع ٥ / ٥٥.
(٣) نفس المرجع.