الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣١ -
الْغِنَى وَالْيَسَارِ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الأَْقَارِبِ، وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ الأَْبَ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ أَوْلاَدِهِ الصِّغَارِ الْفُقَرَاءِ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا مَا دَامَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ.
وَحَدُّ الْغِنَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مِلْكُ نِصَابِ الزَّكَاةِ زَائِدًا عَنْ حَاجَتِهِ الأَْصْلِيَّةِ وَحَاجَاتِ عِيَالِهِ فِي قَوْل أَبِي يُوسُفَ، وَقَال مُحَمَّدٌ: إِذَا كَانَ لَهُ نَفَقَةُ شَهْرٍ وَعِنْدَهُ فَضْلٌ عَنْ نَفَقَةِ شَهْرٍ لَهُ وَلِعِيَالِهِ، أُجْبِرَ عَلَى نَفَقَةِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ، وَأَمَّا مَنْ لاَ شَيْءَ لَهُ وَهُوَ يَكْتَسِبُ كُل يَوْمٍ دِرْهَمًا وَيَكْتَفِي مِنْهُ بِجُزْءٍ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَرْفَعُ لِنَفْسِهِ وَلِعِيَالِهِ مَا يَتَّسِعُ بِهِ، وَيُنْفِقُ فَضْلَهُ عَلَى مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ، وَقَوْل مُحَمَّدٍ هُوَ الأَْوْفَقُ كَمَا قَال الْكَاسَانِيُّ.
وَأَطْلَقَ الْمَالِكِيَّةُ اشْتِرَاطَ الْيَسَارِ دُونَ تَحْدِيدٍ، وَنَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُعْسِرِ لِوَالِدَيْهِ تَكَسُّبٌ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ قَدَرَ عَلَى التَّكَسُّبِ (١) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَجِبُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ إِلاَّ عَلَى مُوسِرٍ أَوْ مُكْتَسِبٍ يَفْضُل عَنْ حَاجَتِهِ مَا يُنْفِقُ عَلَى قَرِيبِهِ، وَأَمَّا مَنْ لاَ يَفْضُل عَنْ نَفَقَتِهِ شَيْءٌ
_________
(١) الاختيار ٤ / ١٢، والبدائع ٤ / ٣٠، وما بعدها، وجواهر الإكليل ١ / ٤٠٦، والشرح الصغير ١ / ٥٢٥ - ٥٢٦ ط الحلبي.