الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣١ -
فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ (١) .
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ ﷺ: مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَْرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ (٢) فَإِنَّهُ يَدُل عَلَى تَحَقُّقِ الْغَصْبِ فِي الْعَقَارِ، قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي الْحَدِيثِ إِمْكَانُ غَصْبِ الأَْرْضِ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّ الْغَصْبَ لاَ يَتَحَقَّقُ إِلاَّ فِيمَا يُنْقَل وَيُحَوَّل؛ لأَِنَّ حَقِيقَةَ الْغَصْبِ فِي رَأْيِهِمَا - وَهُوَ إِزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ بِالنَّقْل - لاَ تَتَحَقَّقُ إِلاَّ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ.
وَأَمَّا الْعَقَارُ كَالأَْرْضِ وَالدَّارِ فَلاَ يُتَصَوَّرُ وُجُودُ مَعْنَى الْغَصْبِ فِيهِ؛ لِعَدَمِ إِمْكَانِ نَقْلِهِ وَتَحْوِيلِهِ، فَمَنْ غَصَبَ عَقَارًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، كَغَلَبَةِ سَيْلٍ أَوْ حَرِيقٍ أَوْ صَاعِقَةٍ، لَمْ يَضْمَنْهُ عِنْدَهُمَا؛ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْغَصْبِ بِإِزَالَةِ الْيَدِ؛ لأَِنَّ الْعَقَارَ فِي مَحَلِّهِ لَمْ يُنْقَل، فَصَارَ كَمَا لَوْ حَال بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَ مَتَاعِهِ، فَتَلِفَ الْمَتَاعُ، فَلاَ يَضْمَنُ عِنْدَهُمَا، أَمَّا لَوْ كَانَ الْهَلاَكُ بِفِعْل الْغَاصِبِ كَأَنْ هَدَمَهُ، فَيَضْمَنُهُ، لأَِنَّ الْغَصْبَ إِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فِي الْعَقَارِ، فَيُعْتَبَرُ
_________
(١) الشرح الكبير مع الدسوقي ٤ / ٤٤٣، بداية المجتهد ٢ / ٣١١، مغني المحتاج ٢ / ٢٧٥ وما بعدها، المغني ٥ / ٢٢٣، كشاف القناع ٤ / ٨٣ وما بعدها.
(٢) حديث: " من ظلم قيد شبر من الأرض. . . ". فتح الباري (٥ / ١٠٣، ١٠٥) ومسلم (٣ / ١٢٣٢) من حديث عائشة.