الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣١

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣١ -

يُنْتَقَضُ السَّلَفُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَمْتَ دَرَاهِمَ فِي عُرُوضٍ أَوْ طَعَامٍ. فَأَتَى الْبَائِعُ بِبَعْضِ الدَّرَاهِمِ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ أَيَّامٍ فَقَال: أَصَبْتُهَا زُيُوفًا، فَقُلْتَ: دَعْهَا فَأَنَا أُبْدِلُهَا لَكَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ (١) .

وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ. وَهُوَ الْوَجْهُ الأَْوَّل لِلْحَنَابِلَةِ بِشَرْطِ قَبْضِ الْبَدَل فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ، لأَِنَّ الْقَبْضَ الأَْوَّل كَانَ صَحِيحًا. وَلأَِنَّ لِلرَّدِّ شَبَهًا بِالْعَقْدِ حَيْثُ لاَ يَجِبُ الْقَبْضُ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ إِلاَّ بِالرَّدِّ. كَمَا لاَ يَجِبُ الْقَبْضُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ إِلاَّ بِالْعَقْدِ، فَأُلْحِقَ مَجْلِسُ الرَّدِّ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ.

وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ، وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ وَجَدَ فِي الثَّمَنِ زُيُوفًا بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَرَدَّهُ بَطَل السَّلَمُ سَوَاءٌ اُسْتُبْدِل فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ أَوْ لاَ؛ لأَِنَّ الزُّيُوفَ مِنْ جِنْسِ حَقِّ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ. لَكِنْ أَصْلًا لاَ وَصْفًا، وَلِهَذَا ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ بِفَوَاتِ حَقِّهِ عَنِ الْوَصْفِ. فَكَانَ حَقُّهُ فِي الأَْصْل وَالْوَصْفِ جَمِيعًا، فَصَارَ بِقَبْضِ الزُّيُوفِ قَابِضًا حَقَّهُ مِنْ حَيْثُ الأَْصْل لاَ مِنْ حَيْثُ الْوَصْفُ، إِلاَّ أَنَّهُ إِذَا رَضِيَ بِهِ، فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ عَنِ الْوَصْفِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ

_________

(١) حاشية الدسوقي ٣ / ١٩٧، المدونة الكبرى ٩ / ٣٠.