الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٠ -
فَحَبَسَهُ اللَّهُ، فَقَال النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ - أَيْ: نُفُورٌ - كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا، وَفِي لَفْظٍ: فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا. (١)
قَال ابْنُ قُدَامَةَ:؛ وَلأَِنَّ الاِعْتِبَارَ فِي الذَّكَاةِ بِحَال الْحَيَوَانِ وَقْتَ ذَبْحِهِ لاَ بِأَصْلِهِ، بِدَلِيل الْوَحْشِيِّ إِذَا قُدِرَ عَلَيْهِ وَجَبَتْ تَذْكِيَتُهُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ، وَكَذَلِكَ الأَْهْلِيُّ إِذَا تَوَحَّشَ يُعْتَبَرُ بِحَالِهِ فَإِذَا تَرَدَّى فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَذْكِيَتِهِ فَهُوَ مَعْجُوزٌ عَنْ تَذْكِيَتِهِ فَأَشْبَهَ الْوَحْشِيَّ (٢) .
قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَسَوَاءٌ نَدَّ الْبَعِيرُ أَوِ الْبَقَرُ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ فِي الْمِصْرِ فَذَكَاتُهَا الْعَقْرُ؛ لأَِنَّهُمَا يَدْفَعَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا فَلاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِمَا، قَال مُحَمَّدٌ: وَالْبَعِيرُ الَّذِي نَدَّ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، فَدَل عَلَى أَنَّ نَدَّ الْبَعِيرِ فِي الصَّحْرَاءِ وَالْمِصْرِ سَوَاءٌ فِي هَذَا الْحُكْمِ.
قَال مُحَمَّدٌ: وَأَمَّا الشَّاةُ فَإِنْ نَدَّتْ فِي الصَّحْرَاءِ فَذَكَاتُهَا الْعَقْرُ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُقْدَرُ عَلَيْهَا، وَإِنْ نَدَّتْ فِي الْمِصْرِ لَمْ يَجُزْ عَقْرُهَا؛ لأَِنَّهُ يُمْكِنُ أَخْذُهَا إِذْ هِيَ لاَ تَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهَا فَكَانَ
_________
(١) حديث: " إن لهذه البهائم. . ". أخرجه أحمد (فتح الباري ٥ / ١٣١ ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٥٥٨ ط. الحلبي) من حديث رافع بن خديج، واللفظ الثاني أخرجه البخاري (٦ / ١٨٨) .
(٢) بدائع الصنائع ٥ / ٤٣، والزيلعي ٥ / ٢٩٢ - ٢٩٣، ونهاية المحتاج ١٠٥ - ١٠٨، والمغني ٨ / ٥٦٦ - ٥٦٧