الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٠ -
عَلَى الْمُقْتَرِضِ بِمِثْل مَا أَخَذَ يَئُول إِلَى الْمُعَاوَضَةِ.
وَكَذَلِكَ عَقْدُ الْكَفَالَةِ بِأَمْرِ الْمَدِينِ، فَإِنَّهَا تَبَرُّعٌ فِي الاِبْتِدَاءِ، حِينَمَا يَلْتَزِمُ الْكَفِيل بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمَدِينِ، لَكِنَّهُ إِذَا دَفَعَ الدَّيْنَ لِلدَّائِنِ وَرَجَعَ عَلَى الْمَدِينِ بِمِثْل مَا دَفَعَهُ تَصِيرُ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ.
وَيَخْتَلِفُ حُكْمُ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ عَنْ عُقُودِ التَّبَرُّعِ فِي أَنَّ الْوَفَاءَ بِمَا يَتَعَهَّدُهُ الْعَاقِدَانِ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ كَالْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ وَنَحْوِهِمَا وَاجِبٌ، إِذَا تَمَّتْ صَحِيحَةً بِشُرُوطِهَا، عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ (١)؛ لأَِنَّ فِي عَدَمِ الْوَفَاءِ بِهَا ضَرَرًا لِلْعَاقِدِ الآْخَرِ، لِضَيَاعِ مَا بَذَلَهُ مِنَ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَتِهِ، بِخِلاَفِ عُقُودِ التَّبَرُّعِ، كَالْهِبَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْقَرْضِ وَالْوَصِيَّةِ، وَنَحْوِهَا، فَلاَ يَجِبُ الْوَفَاءُ فِيهَا بِمَا تَعَهَّدَ الْمُتَبَرِّعُ؛ لأَِنَّهُ مُحْسِنٌ، وَمَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ، مَعَ تَفْصِيلٍ فِي مُخْتَلَفِ الْعُقُودِ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ صَرَّحُوا بِاسْتِحْبَابِ الْوَفَاءِ فِي عُقُودِ التَّبَرُّعِ؛ لأَِنَّهَا مِنَ الْبِرِّ وَالإِْحْسَانِ، وَقَدْ حَثَّ الشَّارِعُ عَلَيْهِمَا فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ، قَال تَعَالَى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ (٢) .
_________
(١) سورة المائدة / ١.
(٢) سورة المائدة / ٢.