الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٠ -
مَقْبُولٍ، فَإِنِ امْتَنَعَ انْتَقَلَتِ الْوِلاَيَةُ إِلَى غَيْرِهِ.
لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ تَنْتَقِل إِلَيْهِ الْوِلاَيَةُ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ - عَدَا ابْنَ الْقَاسِمِ - وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْوِلاَيَةَ تَنْتَقِل إِلَى السُّلْطَانِ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ (١)؛ وَلأَِنَّ الْوَلِيَّ قَدِ امْتَنَعَ ظُلْمًا مِنْ حَقٍّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ فَيَقُومُ السُّلْطَانُ مَقَامَهُ لإِزَالَةِ الظُّلْمِ، كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَامْتَنَعَ عَنْ قَضَائِهِ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَشُرَيْحٍ، لَكِنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِمَا إِذَا كَانَ الْعَضْل دُونَ ثَلاَثِ مَرَّاتٍ.
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ إِذَا عَضَل الْوَلِيُّ الأَْقْرَبُ انْتَقَلَتِ الْوِلاَيَةُ إِلَى الْوَلِيِّ الأَْبْعَدِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لأَِنَّهُ تَعَذَّرَ التَّزْوِيجُ مِنْ جِهَةِ الأَْقْرَبِ فَمَلَكَهُ الأَْبْعَدُ كَمَا لَوْ جُنَّ،؛ وَلأَِنَّهُ يَفْسُقُ بِالْعَضْل فَتَنْتَقِل الْوِلاَيَةُ عَنْهُ، فَإِنْ عَضَل الأَْوْلِيَاءُ كُلُّهُمْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ، وَأَمَّا قَوْل النَّبِيِّ ﷺ: السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ فَيُحْمَل عَلَى مَا إِذَا عَضَل الْكُل؛ لأَِنَّ قَوْلَهُ: فَإِنِ اشْتَجَرُوا. . . ضَمِيرُ جَمْعٍ يَتَنَاوَل الْكُل.
_________
(١) حديث: " فإن اشتجروا فالسلطان ولى من. . . ". أخرجه الترمذي (٣ / ٣٩٩) من حديث عائشة ﵂، وقال: حديث حسن.