الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٠

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٠ -

ارْتِكَابِ مَحْظُورَاتٍ فِي الدِّينِ، فَلاَ يُؤْمَنُ أَنْ لاَ يَزَعَهُ عَنِ الْكَذِبِ فَلاَ تَحْصُل الثِّقَةُ بِشَهَادَتِهِ (١) .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعَدْل لَيْسَ شَرْطًا فِي أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ، وَأَنَّ الْفَاسِقَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَمَّل الشَّهَادَةَ، وَالْمَالِكِيَّةُ يُوَافِقُونَهُمْ فِي هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ، فَإِذَا تَحَمَّل الشَّهَادَةَ وَهُوَ فَاسِقٌ ثُمَّ تَابَ مِنْ فِسْقِهِ ثُمَّ شَهِدَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَتُبْ فَيُمْنَعُ مِنَ الأَْدَاءِ؛ لِتُهْمَةِ الْكَذِبِ.

وَالْعَدَالَةُ الْمَشْرُوطَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لأَِدَاءِ الشَّهَادَةِ هِيَ الظَّاهِرَةُ، أَمَّا الْعَدَالَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَهِيَ الْبَاطِنَةُ الثَّابِتَةُ بِالسُّؤَال عَنْ حَال الشُّهُودِ بِالتَّعْدِيل، وَالتَّزْكِيَةِ فَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ عِنْدَهُمْ، مَا لَمْ يَطْعَنِ الْخَصْمُ فِي الشُّهُودِ، أَوْ كَانَتِ الشَّهَادَةُ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، فَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ لاَ يَكْتَفِيَ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ، بَل يَسْأَل عَنْ حَال الشُّهُودِ؛ لِدَرْءِ الْحُدُودِ.

وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ إِذَا لَمْ يَطْعَنِ الْخَصْمُ، فَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: لاَ يَسْأَل الْقَاضِي عَنْ حَال الشُّهُودِ، بَل يَعْتَمِدُ عَلَى الْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ (٢)؛ وَلأَِنَّ الْعَدَالَةَ

_________

(١) البدائع ٦ / ٢٦٦، وجواهر الإكليل ٢ / ٢٣٢، ومغني المحتاج ٦ / ٤٢٦، وكشاف القناع ٦ / ٤١٦.

(٢) سورة البقرة / ١٤٣.