الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٠ -
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِيمَنْ يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ أَوْ يَتَصَدَّى لِلْفَتْوَى، فَلاَ يَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْفَاسِقِ لِلْقَضَاءِ وَلاَ مَنْ فِيهِ نَقْصٌ يَمْنَعُ قَبُول شَهَادَتِهِ.
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْعَدَالَةَ لَيْسَتْ شَرْطَ صِحَّةٍ فِي تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ، وَأَنَّ الْفَاسِقَ أَهْلٌ لِلْقَضَاءِ وَيَجُوزُ تَقْلِيدُهَا لَهُ وَتَنْفُذُ قَضَايَاهُ إِذَا لَمْ يُجَاوِزْ فِيهَا حَدَّ الشَّرْعِ؛ لأَِنَّ الْعَدَالَةَ عِنْدَهُمْ لَيْسَتْ إِلاَّ شَرْطَ كَمَالٍ، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي عِنْدَهُمْ أَلاَّ يُقَلَّدَ الْفَاسِقُ؛ لأَِنَّ الْقَضَاءَ أَمَانَةٌ عَظِيمَةٌ، وَهِيَ أَمَانَةُ الأَْمْوَال وَالأَْبْضَاعِ وَالنُّفُوسِ، فَلاَ يَقُومُ بِوَفَائِهَا إِلاَّ مَنْ كَمُل وَرَعُهُ وَتَمَّ تَقْوَاهُ، إِلاَّ أَنَّهُ لَوْ قُلِّدَ الْفَاسِقُ مَعَ هَذَا جَازَ التَّقْلِيدُ فِي نَفْسِهِ وَصَارَ قَاضِيًا؛ لأَِنَّ الْفَسَادَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ، فَلاَ يَمْنَعُ جَوَازَ تَقْلِيدِهِ الْقَضَاءَ، وَحُكِيَ عَنِ الأَْصَمِّ مِثْل هَذَا حَيْثُ قَال: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي فَاسِقًا (١)؛ لِقَوْلِهِ ﷺ لأَِبِي ذَرٍّ: كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا.
_________
(١) البدائع ٧ / ٣، حاشية ابن عابدين ٤ / ٢٩٩، ٣٠١ الفتاوى الخانية ٢ / ٤٦٢، الأحكام السلطانية للماوردي ص٦٦، ٧٧ ولأبي يعلى ص٧٣، مغني المحتاج ٤ / ٣٧٤ - ٣٧٨، ٣٨٨، ٣٨٩، ٣٩١، كشاف القناع ٦ / ٣٠٠، المغني لابن قدامة ٩ / ٣٩، ٤٠، ١٠٠.