الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣٠
في القضاة وولاة المظالم والمفتين والمستخلفين من القضاة والمحكمين وغيرهم
أولا العذر الخاص بأحكام العبادات
النوع الأول العذر الملازم غالبا لفرد معين
القسم الثاني أعذار عامة تتصل بأحكام العبادات
العذر في تأخير رد المبيع المعيب
عرض الإسلام على من لم يسلم من الزوجين
عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح.
عرض الإنسان مولياته على أهل الخير
أولا العرف القولي، والعرف العملي
ثانيا العرف العام والعرف الخاص
رابعا العرف الثابت والعرف المتبدل
الشرط الأول أن يكون العرف مطردا أو غالبا
الشرط الثالث ألا يكون العرف مخالفا للنص الشرعي
الشرط الرابع ألا يعارض العرف تصريح بخلافه
الشرط الخامس أن يكون العرف قائما عند إنشاء التصرف
ثالثا - عزل القاضي من قبل الإمام
استيلاء الباغي على السلطة هل يؤدي إلى عزل القضاة
رابعا عزل القاضي لفقدان شرط من شروط صلاحيته للقضاء
ثانيا - العزل عن الزوجة الحرة.
شروط وجوب العشر في الأموال التجارية
أولا المقدار الواجب في تجارة الذمي
ثانيا المقدار الواجب في تجارة الحربي
ما يراعيه العاشر في جباية العشور
الطريقة الثانية لاستيفاء العشور القبالة (التضمين)
الأحكام المتعلقة بعشر ذي الحجة
تحقق العشرة بالمعروف بين الزوجين
منع الزوج زوجته من كل ما يمنع من الاستمتاع أو كماله
عدم الإذن لمن يكره الزوج دخوله
ثانيا - العصابة بمعنى ما يعصب به
لزوم دية الخطأ وشبه العمد على العصبة
اشتراط الزوجة أن تكون العصمة بيدها
الطهارة على العضو الزائد في الغسل
ثانيا - العضو المبان من الإنسان الميت
الأول الوصف الذي يجوز به الإثبات في
الثاني السبب الذي يعتبر في الترتيب
الثالث الحال الذي يقدر به العطاء
٣ - عطاء القائمين بالمصالح والوظائف العامة
ثانيا العطاء المنجز في مرض الموت
العفو عن دم ما لا نفس له سائلة
عفو المجني عليه في القتل العمد
عفو المجني عليه عما دون النفس عمدا
عفو المجني عليه عن الجناية الخطأ
عفو الموكل دون علم الوكيل باستيفاء القصاص
ثمرة قسمة المال إلى عقار ومنقول
ثالثا - بيع الأرض المفتوحة عنوة
بيع الولي أو الوصي عقار القاصر
ضمان غلة العقار المبيع المردود بالعيب
الغرس أو البناء في أرض ظهر استحقاقها للغير
الغرس أو البناء في الأرض المؤجرة
تعلق حق الارتفاق بالعقار المبيع
العقد بالإيجاب والقبول اللفظيين
اعتبار اللفظ أو المعنى في العقد
صدور ما يدل على الإعراض من قبل العاقدين أو أحدهما
وفاة أحد العاقدين بين الإيجاب والقبول
مجلس العقد في حالة حضور العاقدين
مجلس العقد في حالة غياب العاقدين
عقود لا يشترط فيها اتحاد المجلس
أولا - العقود المالية والعقود غير المالية
ثانيا - العقود اللازمة والعقود غير اللازمة
ثالثا - تقسيم العقد باعتبار قبوله الخيار
رابعا - العقود التي يشترط فيها القبض، والتي لا يشترط فيها
خامسا عقود المعاوضة وعقود التبرع
سادسا العقد الصحيح والباطل والفاسد
سابعا - العقد النافذ، والعقد الموقوف
أولا - الأسباب الاختيارية لانتهاء العقد
انتهاء المدة المعينة أو العمل المعين
التصرفات التي يسري عليها حكم العقد الموقوف
الصورة الثانية تصرف الوكيل إذا تجاوز حدود الوكالة.
أولا - مخالفة الوكيل في الشراء
مخالفة الوكيل في جنس الموكل بشرائه.
مخالفة الوكيل المقيد بالشراء في قدر الثمن
مخالفة الوكيل المقيد بالشراء في صفة الثمن
الصورة الثالثة الوصية بمال الغير.
التصرفات فيما يتعلق به حق الغير
أولا بيع المدين المعسر إذا ألحق ضررا بالدائنين.
ثالثا - تصرف الوصي في القدر الزائد عن الثلث والوصية لوارث
الوصية للأجنبي بما زاد عن الثلث.
رابعا - بيع الراهن العين المرهونة
سادسا - بيع الشريك حصته الشائعة
كيفية الإجازة في العقد الموقوف
أثر العقر في حل أكل لحم الحيوان
الثاني ما ند - نفر وشرد - من الإبل والبقر والغنم
عقر حيوانات الغنيمة عند العجز عن نقلها
ثانيا العقيق بمعنى نوع من الحجر
ما يجزئ في العقيقة وما يستحب منها
إثبات العلة بالاستنباط، وطرق الاستدلال
الميقات الزماني للإحرام بالعمرة
الميقات المكاني للإحرام بالعمرة
ثانيا ترك ركن من أركان العمرة من غير مانع قاهر
عَدْل
التَّعْرِيفُ:
١ - الْعَدْل: خِلاَفُ الْجَوْرِ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: الْقَصْدُ فِي الأُْمُورِ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الأَْمْرِ الْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ طَرَفَيِ الإِْفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ، وَالْعَدْل مِنَ النَّاسِ: هُوَ الْمَرْضِيُّ. قَوْلُهُ وَحُكْمُهُ، وَرَجُلٌ عَدْلٌ: بَيِّنُ الْعَدْل، وَالْعَدَالَةُ وَصْفٌ بِالْمَصْدَرِ مَعْنَاهُ: ذُو عَدْلٍ.
وَالْعَدْل يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُطَابِقَ فِي التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ فَيُقَال: عَدْلاَنِ، وَعُدُولٌ، وَفِي الْمُؤَنَّثَةِ: عِدْلَةٌ.
وَالْعَدَالَةُ: صِفَةٌ تُوجِبُ مُرَاعَاتُهَا الاِحْتِرَازَ عَمَّا يُخِل بِالْمُرُوءَةِ عَادَةً فِي الظَّاهِرِ.
وَالْعَدْل فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ: مَنْ تَكُونُ حَسَنَاتُهُ غَالِبَةً عَلَى سَيِّئَاتِهِ (١) . وَهُوَ ذُو الْمُرُوءَةِ غَيْرُ الْمُتَّهَمِ (٢) .
_________
(١) لسان العرب، المصباح المنير، التعريفات للجرجاني، والمغرب في ترتيب المعرب، والمفردات في غريب القرآن للأصفهاني، ومغني المحتاج ٤ / ٤٢٧، كشاف القناع ٦ / ٤١٨، القوانين الفقهية ص٣٠٣، ومجلة الأحكام العدلية ص٣٤٤ مادة ١٧٠٥.
(٢) معين الحكام ص٨٢ ط: الميمنة في مصر ١٣١٠هـ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْقِسْطُ:
٢ - الْقِسْطُ فِي اللُّغَةِ: الْعَدْل وَالْجَوْرُ فَهُوَ مِنَ الأَْضْدَادِ، وَأَقْسَطَ بِالأَْلِفِ عَدَل فَهُوَ مُقْسِطٌ إِذَا عَدَل، فَكَأَنَّ الْهَمْزَةَ فِي أَقْسَطَ لِلسَّلْبِ كَمَا يُقَال شَكَا إِلَيْهِ فَأَشْكَاهُ.
فَقَسَطَ وَأَقْسَطَ لُغَتَانِ فِي الْعَدْل، أَمَّا فِي الْجَوْرِ فَلُغَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ قَسَطَ بِغَيْرِ أَلِفٍ (١) .
وَالْقِسْطُ بِإِطْلاَقَيْهِ أَعَمُّ مِنَ الْعَدْل.
ب - الظُّلْمُ:
٣ - أَصْل الظُّلْمِ: الْجَوْرُ وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ وَمِنْهُ قَوْلُهُ ﷺ فِي الْوُضُوءِ: فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ (٢) .
وَهُوَ عِنْدَ أَهْل اللُّغَةِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ: وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ الْمُخْتَصِّ بِهِ، وَالظُّلْمُ فِي الشَّرْعِ: عِبَارَةٌ عَنِ التَّعَدِّي عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِل (٣) .
_________
(١) لسان العرب، والمصباح المنير.
(٢) حديث: " فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم ". أخرجه أبو داود (١ / ٩٤)، وابن ماجه (١ / ١٤٦) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وقد روى من طرق صحيحة كما قال ابن حجر في التلخيص (١ / ٨٣)، وضعف جماعة من العلماء لفظ " أو نقص " كما في عون المعبود (١ / ٢٩٩) .
(٣) لسان العرب، والمصباح المنير، ومختار الصحاح، والتعريفات للجرجاني.
ج - الْفِسْقُ:
٤ - الْفِسْقُ هُوَ: الْخُرُوجُ مِنَ الطَّاعَةِ، وَأَصْلُهُ خُرُوجُ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ عَلَى وَجْهِ الْفَسَادِ، وَفَسَقَ فُلاَنٌ أَيْ: خَرَجَ عَنْ حَجْرِ الشَّرْعِ، وَالظُّلْمُ أَعَمُّ مِنَ الْفِسْقِ (١) .
أَحْكَامُ الْعَدْل:
٥ - الْعَدْل مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى، وَبِهِ قَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَْرْضُ، وَانْتَظَمَ أَمْرُ الْخَلِيقَةِ، وَقَدْ وَرَدَتْ أَحْكَامُ الْعَدْل فِي أَبْوَابٍ عَدِيدَةٍ مِنْ كُتُبِ الْفُقَهَاءِ مِنْهَا:
فِي إِمَامِ الصَّلاَةِ:
٦ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِ الإِْمَامِ فِي الصَّلاَةِ عَدْلًا (٢) .
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ خِلاَفُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الإِْمَامِ عَدْلًا، لِحَدِيثِ: صَلُّوا خَلْفَ كُل بَرٍّ وَفَاجِرٍ (٣) .
_________
(١) المصباح المنير، والمفردات في غريب القرآن.
(٢) البدائع ١ / ١٥٦، حاشية ابن عابدين ١ / ٣٦٨، جواهر الإكليل ١ / ٧٧، القوانين الفقهيه ص٦٨، المجموع للنووي ٤ / ٢٥٣، مغني المحتاج ١ / ٢٤٢، الأحكام السلطانية للماوردي ص٦، ١٠١، روضة الطالبين ١ / ٣٥٥.
(٣) حديث: " صلوا خلف كل بر وفاجر ". أخرجه أبو داود (١ / ٣٩٨)، والدارقطني (٢ / ٥٧) من حديث أبي هريرة واللفظ للدارقطني، وأعله ابن حجر بالانقطاع كما في التلخيص (٢ / ٣٥) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ الإِْمَامِ عَدْلًا، فَلاَ تَصِحُّ إِمَامَةُ الْفَاسِقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لاَ يَسْتَوُونَ﴾ (١) وَلِقَوْلِهِ ﷺ: لاَ تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا، وَلاَ يَؤُمُّ أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا، وَلاَ فَاجِرٌ مُؤْمِنًا (٢) وَحَدِيثِ: اجْعَلُوا أَئِمَّتَكُمْ خِيَارَكُمْ (٣) .
وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ: (إِمَامَةُ الصَّلاَةِ) ف ٢٤
فِي عَامِل الزَّكَاةِ:
٧ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي عَامِل الزَّكَاةِ الْعَدْل، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ تَوْلِيَةُ الْفَاسِقِ وَجَعْلُهُ عَامِلًا لِلزَّكَاةِ؛ لأَِنَّ هَذَا نَوْعُ وِلاَيَةٍ فَاشْتُرِطَ فِيهَا الْعَدْل كَسَائِرِ الْوِلاَيَاتِ؛ وَلأَِنَّ الْفَاسِقَ لَيْسَ مِنْ أَهْل الأَْمَانَةِ.
إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَالُوا: الْمُرَادُ بِالْعَدْل أَنْ يَكُونَ غَيْرَ فَاسِقٍ فِي عَمَلِهِ، وَلَيْسَ أَنْ يَكُونَ عَادِلًا عَدْل الشَّهَادَةِ.
وَيُعَبِّرُ الْحَنَابِلَةُ فِي غَالِبِ كُتُبِهِمْ بِالأَْمَانَةِ،
_________
(١) سورة السجدة / ١٨.
(٢) حديث: " لا تؤمن امرأة رجلًا، ولا يؤم أعرابي مهاجرًا. . . ". أخرجه ابن ماجه (١ / ٣٤٢) من حديث جابر، وضعف إسناده البوصيري في الزوائد (١ / ٢٠٣) .
(٣) حديث: " اجعلوا أئمتكم خياركم. . . ". أخرجه البيهقي (٣ / ٩٠)، والدارقطني (٢ / ٨٨) من حديث ابن عمر، وضعف البيهقي إسناده.
إِلاَّ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مُرَادَهُمْ مِنْهَا الْعَدَالَةُ (١) .
فِي رُؤْيَةِ هِلاَل رَمَضَانَ:
٨ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَرَى هِلاَل رَمَضَانَ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا إِلاَّ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْعَدَالَةِ الْمَعْنِيَّةِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعَدَالَةَ الْمَشْرُوطَةَ فِي رَائِي هِلاَل رَمَضَانَ هِيَ الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ، وَلِهَذَا يَثْبُتُ عِنْدَهُمْ بِرُؤْيَةِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْعَدَالَةَ الْمَقْصُودَةَ هِيَ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ، فَلاَ يُقْبَل قَوْل مَسْتُورِ الْحَال لِعَدَمِ الثِّقَةِ بِهِ، كَمَا لاَ تُقْبَل مِنَ الْفَاسِقِ.
وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ قَالُوا بِوُجُوبِ الصِّيَامِ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ مُخْبِرٌ يَثِقُ بِهِ بِرُؤْيَتِهِ لِهِلاَل رَمَضَانَ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا غَيْرَ عَدْلٍ، كَمَا أَنَّ عَلَى رَائِي الْهِلاَل أَنْ يَصُومَ عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا، شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ لَمْ يَشْهَدْ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ أَوْ رُدَّتْ؛ لأَِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ (٢) .
_________
(١) حاشية ابن عابدين ٢ / ٧٧، جواهر الإكليل١ / ١٣٨، المجموع للنووي ٦ / ١٦٧، روضة الطالبين ٢ / ٣٣٥، كشاف القناع ٢ / ٣٧٥، الفروع ٢ / ٦٠٦، الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص١١٥.
(٢) البدائع ٢ / ٨٠ - ٨١، مواهب الجليل ٢ / ٣٨١، جواهر الإكليل ١ / ١٤٤، القوانين الفقهية ص١١٥، المجموع للنووي ٦ / ٢٧٥ - ٢٨٢، مغني المحتاج ١ / ٤٢٠، كشاف القناع ٢ / ٣٠٤، المغني لابن قدامة ٣ / ١٥٧.
وَفِي رُؤْيَةِ هِلاَل شَوَّالٍ وَذِي الْحِجَّةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الشُّهُورِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (رُؤْيَةُ الْهِلاَل ف ٦) .
فِي الْقِبْلَةِ:
٩ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِ مَنْ يُقْبَل خَبَرُهُ عَنِ الْقِبْلَةِ أَوْ يُقَلِّدُهُ غَيْرُهُ فِي الدَّلاَلَةِ عَلَيْهَا أَنْ يَكُونَ عَدْلًا، وَأَنَّهُ لاَ يُقْبَل فِيهَا خَبَرُ الْفَاسِقِ؛ لِقِلَّةِ دِينِهِ، وَتَطَرُّقِ التُّهْمَةِ إِلَيْهِ؛ وَلِعَدَمِ الاِعْتِدَادِ بِإِخْبَارِهِ فِيمَا هُوَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يُقْبَل خَبَرُ الْفَاسِقِ فِي شَأْنِ الْقِبْلَةِ؛ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فِيهَا، كَمَا أَنَّ بَعْضَ الْحَنَابِلَةِ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ يَصِحُّ التَّوَجُّهُ إِلَى قِبْلَةِ الْفَاسِقِ فِي بَيْتِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الَّذِي عَمِلَهَا أَمَّا إِذَا عَمِلَهَا هُوَ فَكَإِخْبَارِهِ (١) .
فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ أَوْ طَهَارَتِهِ:
١٠ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِ مَنْ يُقْبَل خَبَرُهُ عَنْ نَجَاسَةِ الْمَاءِ أَوْ طَهَارَتِهِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا، فَلاَ يُقْبَل خَبَرُ الْفَاسِقِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ
_________
(١) حاشية أبي عابدين ١ / ٢٨٩، جواهر الإكليل ١ / ٤٥، الفواكه الدواني ١ / ٢٦٩، المجموع للنووي ٣ / ٢٠٠، مغني المحتاج ١ / ١٤٦، المغني لابن قدامة ١ / ٤٥٣، كشاف القناع ١ / ٣٠٦.
مِنْ أَهْل الرِّوَايَةِ وَلاَ مِنْ أَهْل الشَّهَادَةِ، وَالْعَدَالَةُ الْمَشْرُوطَةُ هُنَا هِيَ الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ.
إِلاَّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ: لَوْ أَخْبَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُسَّاقِ لاَ يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ عَنْ نَجَاسَةِ الْمَاءِ أَوْ طَهَارَتِهِ قُبِل خَبَرُهُمْ، وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَ الْفَاسِقُ عَنْ فِعْل نَفْسِهِ فِي الْمَاءِ (١) .
فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ:
١١ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ فِي النِّكَاحِ عَدْلًا.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ رَأْيٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ عَدْلًا فِي النِّكَاحِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ فِي غَيْرِ الْمَشْهُورِ: إِنَّهُ شَرْطُ كَمَالٍ يُسْتَحَبُّ وُجُودُهُ، وَيُكْرَهُ تَزْوِيجُ الْوَلِيِّ الْفَاسِقِ (٢) .
_________
(١) البدائع ١ / ٧٢، جواهر الإكليل ١ / ١٢، روضة الطالبين ١ / ٣٥، مغني المحتاج ١ / ٢٨، المغني لابن قدامة ١ / ٦٤.
(٢) البدائع ٢ / ٢٣٩، وحاشية ابن عابدين ٢ / ٢٩٥، وجواهر الإكليل ١ / ٢٨١، ومواهب الجليل ٣ / ٤٣٨، والفواكه الدواني ٢ / ٢٢، وحاشية العدوي ٢ / ٣٤، ومغني المحتاج ٣ / ١٥٥، وروضة الطالبين ٧ / ٦٤، والمغني ٦ / ٤٦٦.
وَهَذَا الْخِلاَفُ عِنْدَهُمْ فِي غَيْرِ السُّلْطَانِ الَّذِي يُزَوِّجُ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهَا، أَمَّا هُوَ فَلاَ تُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ لِلْحَاجَةِ، كَمَا لاَ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي سَيِّدٍ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ؛ لأَِنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ كَمَا لَوْ آجَرَهَا (١) .
فِي الْوَصِيِّ:
١٢ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْوَصِيِّ عَدْلًا:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى اشْتِرَاطِ ذَلِكَ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ، وَوَافَقَهُمُ الْمَالِكِيَّةُ فِي ذَلِكَ إِلاَّ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ عَدْلًا هُنَا: أَنْ يَكُونَ أَمِينًا حَسَنَ التَّصَرُّفِ حَافِظًا لِمَال الصَّبِيِّ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (إِيصَاء ف ١١)
فِي نَاظِرِ الْوَقْفِ:
١٣ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ نَاظِرَ الْوَقْفِ إِذَا كَانَ مُعَيَّنًا مِنْ قِبَل الْحَاكِمِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا؛ لأَِنَّ النَّظَرَ فِي الْوَقْفِ وِلاَيَةٌ كَالْوِصَايَةِ، وَأَنَّ الْحَاكِمَ إِذَا عَيَّنَ فَاسِقًا لَمْ يَصِحَّ تَعْيِينُهُ، وَتُزَال يَدُهُ مِنَ الْوَقْفِ، وَإِنْ وَلاَّهُ الْحَاكِمُ وَهُوَ
_________
(١) مغني المحتاج ٣ / ١٥٥، المغني لابن قدامة ٦ / ٤٦٦، كشاف القناع ٥ / ٥٤.
عَدْلٌ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْفِسْقُ انْعَزَل وَنَزَعَ الْحَاكِمُ مِنْهُ الْوَقْفَ؛ لأَِنَّ مُرَاعَاةَ الْوَقْفِ أَهَمُّ مِنْ إِبْقَاءِ وِلاَيَةِ الْفَاسِقِ عَلَيْهِ، قَال السُّبْكِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: يُعْتَبَرُ فِي مَنْصُوبِ الْحَاكِمِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى فِي مَنْصُوبِ الْوَاقِفِ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ (١) .
أَمَّا إِذَا كَانَ النَّاظِرُ مَنْصُوبًا مِنْ قِبَل الْوَاقِفِ فَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (وَقْف)
فِي وَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ:
١٤ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِ وَلِيِّ الصَّغِيرِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا أَوْ غَيْرَهُمَا؛ لأَِنَّهَا وِلاَيَةٌ، وَتَفْوِيضُهَا إِلَى غَيْرِ الْعَدْل تَضْيِيعٌ لِلصَّبِيِّ وَلِمَال الصَّبِيِّ، وَالْعَدَالَةُ الْمَشْرُوطَةُ هِيَ الظَّاهِرَةُ لاَ الْبَاطِنَةُ، فَتَثْبُتُ الْوِلاَيَةُ لِلأَْبِ مَثَلًا إِذَا كَانَ مَسْتُورَ الْحَال لاَ يُعْرَفُ عَدَالَتُهُ وَلاَ فِسْقُهُ وَذَلِكَ؛ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ وَكَمَالِهَا عَلَى وَلَدِهِ، وَمِثْل الصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ الْمَجْنُونُ وَالْمَعْتُوهُ (٢) .
وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (وِلاَيَةٌ)
_________
(١) الفتاوى الهندية ٢ / ٤٠٨، ٦ / ٢١٣، تبيين الحقائق ٣ / ٣٢٩، مواهب الجليل ٦ / ٣٧، مغني المحتاج ٢ / ٣٩٣، المغني لابن قدامة ٥ / ٦٤٧، روضة الطالبين ٥ / ٣٤٧.
(٢) جواهر الإكليل ١ / ٤٠٩، مغني المحتاج ٢ / ١٧٣، كشاف القناع ٣ / ٤٤٦، حاشية ابن عابدين ٢ / ٦٣٣، الإنصاف ١١ / ١٧٧.
فِي الإِْمَامَةِ الْعُظْمَى وَالْوِلاَيَاتِ الْعَامَّةِ:
١٥ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا مَنْ يَتَوَلَّى الإِْمَامَةَ الْكُبْرَى أَوْ مَا شَابَهَهَا مِنَ الْوِلاَيَاتِ الْعَامَّةِ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ عَدْلًا؛ لأَِنَّ الْفَاسِقَ مُتَّهَمٌ فِي دِينِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعَدَالَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ وَأَنَّ تَقْلِيدَ الْفَاسِقِ الإِْمَامَةَ الْكُبْرَى جَائِزٌ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَنُقِلَتْ فِي هَذَا رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ.
وَمِثْل الإِْمَامِ الأَْعْظَمِ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ الْوُلاَةُ الْعَامُّونَ وَالْوُزَرَاءُ التَّنْفِيذِيُّونَ وَأَعْضَاءُ مَجْلِسِ الشُّورَى وَأُمَرَاءُ الْجُيُوشِ. . . . (١)
ر: مُصْطَلَحُ: (الإِْمَامَةُ الْكُبْرَى ف ١١)
فِي الْقُضَاةِ وَوُلاَةِ الْمَظَالِمِ وَالْمُفْتِينَ وَالْمُسْتَخْلَفِينَ مِنَ الْقُضَاةِ وَالْمُحَكَّمِينَ وَغَيْرِهِمْ:
١٦ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي وَنَحْوُهُ عُدُولًا.
_________
(١) حاشية ابن عابدين ١ / ٣٦٨، ٤ / ٢٩٩، جواهر الإكليل ٢ / ٢٢١، ٢٢٧، مغني المحتاج ٣ / ٧٥، ٤ / ١٣٠، روضة الطالبين ٦ / ٣١٣، ١٠ / ٤٢، الأحكام السلطانية للماوردي ص٦، ٢٢، ٣٥، ٦٦ والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص٦، ٢٠.