الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣ -
التَّحَدُّثِ فِي النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ - ثَلاَثَةُ آرَاءٍ:
٤ - أ - جَوَازُ الْقَبُول وَعَدَمُهُ، غَيْرَ أَنَّ مِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ أَطْلَقَ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ لِمَنْ مَلَكَ أَقَل مِنْ نِصَابٍ، وَقَال قَوْمٌ: إِنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِعَطِيَّةِ غَيْرِ السُّلْطَانِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ ﵁ قَال: سَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتَهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتَهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَال: يَا حَكِيمُ إِنَّ هَذَا الْمَال حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافٍ لَمْ يُبَارَكْ فِيهِ، وَكَانَ كَاَلَّذِي يَأْكُل وَلاَ يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى. قَال حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَرْزَأُ (١) أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ يَدْعُو حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَل مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ ﵁ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ، فَقَال: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أُشْهِدُكُمْ عَلَى حَكِيمٍ أَنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللَّهُ لَهُ فِي هَذَا الْفَيْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ، فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُول اللَّهِ ﷺ حَتَّى تُوُفِّيَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (٢) .
٥ - ب وُجُوبُ الآْخِذِ، وَحُرْمَةُ الرَّدِّ، لِحَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ ﵁ قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يُعْطِينِي الْعَطَاءَ، فَأَقُول: أَعْطِهِ أَفْقَرَ مِنِّي، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: خُذْهُ، وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَال وَأَنْتَ غَيْرُ سَائِلٍ وَلاَ
_________
(١) أصل الرزء: النقص، ومعنى " لم يرزأ، أي لم ينقص أحدا شيئا بالأخذ منه (المجموع ٦ / ٢٤٥ - ٢٤٦)
(٢) المجموع ٦ / ٢٤٥، ٢٤٦ ط المنيرية، والبحر الرائق ٢ / ٢٦٩ ط العلمية، والفروع ١ / ٩٤٣