الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣ - تراجم الفقهاء - استسقاء - الاستسقاء بالدعاء والصلاة
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِل السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا﴾ (١) الآْيَةَ، وَقَدْ اسْتَدَل لَهُ كَذَلِكَ بِحَدِيثِ عُمَرَ ﵁ وَاسْتِسْقَائِهِ بِالْعَبَّاسِ ﵁ مِنْ غَيْرِ صَلاَةٍ، مَعَ حِرْصِهِ عَلَى الاِقْتِدَاءِ بِرَسُول اللَّهِ ﷺ. وَقَدْ عَلَّل ابْنُ عَابِدِينَ رَأْيَ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَال: الْحَاصِل أَنَّ الأَْحَادِيثَ لَمَّا اخْتَلَفَتْ فِي الصَّلاَةِ بِالْجَمَاعَةِ وَعَدَمِهَا عَلَى وَجْهٍ لاَ يَصِحُّ مَعَهُ إِثْبَاتُ السُّنِّيَّةِ، لَمْ يَقُل أَبُو حَنِيفَةَ بِسُنِّيَّتِهَا، وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا أَنَّهَا بِدْعَةٌ، كَمَا نَقَل بَعْضُ الْمُتَعَصِّبِينَ، بَل هُوَ قَال بِالْجَوَازِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ النَّدْبُ وَالاِسْتِحْبَابُ، لِقَوْلِهِ فِي الْهِدَايَةِ: لَمَّا فَعَلَهُ الرَّسُول ﷺ مَرَّةً وَتَرَكَهُ أُخْرَى لَمْ يَكُنْ سُنَّةً؛ لأَِنَّ السُّنَّةَ مَا وَاظَبَ عَلَيْهِ. وَالْفِعْل مَرَّةً وَالتَّرْكُ أُخْرَى يُفِيدُ النَّدْبَ (٢) .
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: فَقَالُوا بِسُنِّيَّةِ الدُّعَاءِ وَحْدَهُ، وَبِسُنِّيَّتِهِ مَعَ صَلاَةٍ لَهُ عَلَى التَّفْصِيل الَّذِي تَقَدَّمَ.
الاِسْتِسْقَاءُ بِالدُّعَاءِ وَالصَّلاَةِ:
١٤ - الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ قَالُوا: الاِسْتِسْقَاءُ يَكُونُ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ وَالْخُطْبَةِ، لِلأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: لاَ خُطْبَةَ فِي الاِسْتِسْقَاءِ، وَمَا
_________
(١) سورة نوح / ١٠ - ١١
(٢) ابن عابدين ١ / ٧٩١ ط الثالثة، وشرح العناية على الهداية بهامش القدير ١ / ٤٤٠ ط بولاق.