الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣ - تراجم الفقهاء - استرداد - عودة حق الاسترداد بعد زوال المانع
ثَالِثًا: سُقُوطُ الْحَقِّ فِي اسْتِرْدَادِ الْعَيْنِ وَالضَّمَانِ قَضَاءً لاَ دِيَانَةً:
٣٤ - وَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَنَّ مُسْلِمًا دَخَل دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ، فَأَخَذَ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ لاَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ وَلاَ بِالضَّمَانِ، وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ جَل جَلاَلُهُ.
عَوْدَةُ حَقِّ الاِسْتِرْدَادِ بَعْدَ زَوَال الْمَانِعِ:
٣٥ - مَا وَجَبَ رَدُّهُ ثُمَّ بَطَل حَقُّ الاِسْتِرْدَادِ فِيهِ لِمَانِعٍ، فَإِنَّ هَذَا الْحَقَّ يَعُودُ إِذَا زَال الْمَانِعُ؛ لأَِنَّ الْمَانِعَ إِذَا زَال عَادَ الْمَمْنُوعُ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ:
الْبَيْعُ الْفَاسِدُ - حَيْثُ يَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ - إِذَا تَصَرَّفَ فِيهِ الْمُشْتَرِي بِبَيْعٍ سَقَطَ حَقُّ الرَّدِّ، فَإِنْ رُدَّ عَلَى الْمُشْتَرِي بِخِيَارِ شَرْطٍ، أَوْ رُؤْيَةٍ، أَوْ عَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ، وَعَادَ عَلَى حُكْمِ الْمِلْكِ الأَْوَّل عَادَ حَقُّ الْفَسْخِ وَالرَّدِّ؛ لأَِنَّ الرَّدَّ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ فَسْخٌ مَحْضٌ، فَكَانَ دَفْعًا لِلْعَقْدِ مِنَ الأَْصْل وَجَعْلًا لَهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ. أَمَّا لَوِ اشْتَرَاهُ ثَانِيًا، أَوْ عَادَ إِلَيْهِ بِسَبَبٍ مُبْتَدَأٍ لاَ يَعُودُ حَقُّ الْفَسْخِ؛ لأَِنَّ الْمِلْكَ اخْتَلَفَ لاِخْتِلاَفِ السَّبَبِ، فَكَانَ اخْتِلاَفُ الْمِلْكَيْنِ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلاَفِ الْعَقْدَيْنِ.
هَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَيُسَايِرُهُ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ فِي عَوْدَةِ حَقِّ الاِسْتِرْدَادِ إِذَا زَال الْمَانِعُ، غَيْرَ أَنَّهُمْ يُخَالِفُونَ الْحَنَفِيَّةَ فِي أَنَّهُ لَوْ عَادَ الْمَبِيعُ الْفَاسِدُ إِلَى الْمُشْتَرِي بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ - سَوَاءٌ كَانَ عَوْدُهُ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا كَإِرْثٍ - فَإِنَّهُ يَعُودُ حَقُّ الاِسْتِرْدَادِ، مَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِعَدَمِ الرَّدِّ، أَوْ كَانَ الْفَوَاتُ رَاجِعًا لِتَغَيُّرِ السُّوقِ، ثُمَّ عَادَ السُّوقُ إِلَى حَالَتِهِ الأُْولَى، فَلاَ