الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣ -

عِنْدَهُمْ، وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لاَ يَحِل لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلاَّ الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ. (١)

وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ بِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: الرَّجُل أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يَثِبْ مِنْهَا أَيْ لَمْ يُعَوِّضْ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ عِوَضٌ مَعْنًى؛ لأَِنَّ التَّوَاصُل سَبَبُ الثَّوَابِ فِي الدَّارِ الآْخِرَةِ، فَكَانَ أَقْوَى مِنَ الْمَال (٢) .

وَكَذَلِكَ الْوَقْفُ إِذَا تَمَّ وَلَزِمَ، لاَ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَال: أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ قَطُّ مَالًا أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُنِي فِيهَا؟ فَقَال: إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلاَ يُبْتَاعُ، وَلاَ يُوهَبُ، وَلاَ يُورَثُ (٣) .

وَالْخَمْرُ لاَ تُسْتَرَدُّ؛ لِحُرْمَةِ تَمَلُّكِهَا لِلْمُسْلِمِ، فَلاَ يَجُوزُ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا إِنْ غُصِبَتْ مِنْهُ، وَيَجِبُ إِرَاقَتُهَا؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ سَأَل رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا، فَأَمَرَ بِإِرَاقَتِهَا (٤) .

_________

(١) حديث " لا يحل لرجل. . . . "، أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر وابن عباس وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححاه (تحفة الأحوذي ٦ / ٣٣٣ نشر محمد عبد المحسن الكتبي ط مطبعة الفجالة بمصر) .

(٢) البدائع ٦ / ١٣٢، والمغني ٥ / ٦٨٢ و٦٨٣، والحطاب ٦ / ٦٤، والمهذب ١ / ٤٥٤

(٣) الكافي ٢ / ١٠١٢، والمغني ٥ / ٦٠٠، وابن عابدين ٣ / ٣٦١، ونهاية المحتاج ٥ / ٣٨٥

(٤) منح الجليل ٣ / ٥١٩، والمغني ٥ / ٢٩٩، ومغني المحتاج ٢ / ٢٨٥، وابن عابدين ٥ / ١٣٧. وحديث " أمر أبا طلحة. . . " أخرجه أبو داود مطولا (عون المعبود ٣ / ٣٦٧ ط المطبعة الأنصارية) وأخرجه بالإسناد نفسه مسلم في صحيحه مختصرا (٣ / ١٥٧٣ ط عيسى الحلبي) .