الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣ - تراجم الفقهاء - استدراك - القسم الأول الاستدراك القولي ب " لكن " وأخواتها - شروط الاستدراك - الشرط الثاني
فَلِلْمُقِرِّ، لأَِنَّ النَّفْيَ يَحْتَمِل أَمْرَيْنِ: يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ تَكْذِيبًا لِلْمُقِرِّ وَرَدًّا لإِقْرَارِهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْكَلاَمِ، فَيَكُونُ النَّفْيُ رَدًّا إِلَى الْمُقِرِّ. وَيَحْتَمِل أَلاَّ يَكُونَ تَكْذِيبًا، إِذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ مَعْرُوفًا بِكَوْنِهِ لِزَيْدٍ، ثُمَّ وَقَعَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَأَقَرَّ بِهِ لِزَيْدٍ، فَقَال زَيْدٌ: الثَّوْبُ مَعْرُوفٌ بِكَوْنِهِ لِي، لَكِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لِعَمْرٍو، فَقَوْلُهُ: " لَكِنَّهُ لِعَمْرٍو " بَيَانُ تَغْيِيرٍ لِذَلِكَ النَّفْيِ، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الاِتِّصَال؛ لأَِنَّ بَيَانَ التَّغْيِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ يَصِحُّ إِلاَّ مَوْصُولًا، وَلاَ يَصِحُّ مُتَرَاخِيًا، فَإِنْ وَصَل يَثْبُتُ النَّفْيُ عَنْ زَيْدٍ وَالإِْثْبَاتُ لِعَمْرٍو مَعًا، إِذْ صَدْرُ الْكَلاَمِ مَوْقُوفٌ عَلَى آخِرِهِ فَيَثْبُتُ حُكْمُهُمَا مَعًا.
وَلَوْ فَصَل يَصِيرُ النَّفْيُ رَدًّا لِلإِْقْرَارِ. ثُمَّ لاَ تَثْبُتُ الْمِلْكِيَّةُ لِعَمْرٍو بِمُجَرَّدِ إِخْبَارِهِ بِذَلِكَ (١) .
الشَّرْطُ الثَّانِي:
اتِّسَاقُ الْكَلاَمِ أَيِ انْتِظَامُهُ وَارْتِبَاطُهُ. وَالْمُرَادُ أَنْ يَصْلُحَ لِلاِسْتِدْرَاكِ، بِأَنْ يَكُونَ الْكَلاَمُ السَّابِقُ لِلأَْدَاةِ بِحَيْثُ يَفْهَمُ مِنْهُ الْمُخَاطَبُ عَكْسَ الْكَلاَمِ اللاَّحِقِ لَهَا، أَوْ يَكُونُ فِيمَا بَعْدَ الأَْدَاةِ تَدَارُكٌ لِمَا فَاتَ مِنْ مَضْمُونِ الْكَلاَمِ. نَحْوُ: مَا قَامَ زَيْدٌ لَكِنْ عَمْرٌو، بِخِلاَفِ نَحْوِ: مَا جَاءَ زَيْدٌ لَكِنْ رَكِبَ الأَْمِيرُ، وَفَسَّرَ صَاحِبُ الْمَنَارِ الاِتِّسَاقَ: بِكَوْنِ مَحَل النَّفْيِ غَيْرَ مَحَل الإِْثْبَاتِ (٢)، لِيُمْكِنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَلاَ يُنَاقِضُ آخِرُ الْكَلاَمِ أَوَّلَهُ، ثُمَّ إِنِ اتَّسَقَ الْكَلاَمُ فَهُوَ اسْتِدْرَاكٌ، وَإِلاَّ فَهُوَ كَلاَمٌ مُسْتَأْنَفٌ. وَمَثَّل فِي
_________
(١) التوضيح على التنقيح وحاشية الفنري ١ / ٣٦٤
(٢) التوضيح على التنقيح وحواشيه ١ / ٣٦٥، والمنار وحواشيه ص ٤٥٣