الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣ - تراجم الفقهاء - استدانة - الأسباب الباعثة على الاستدانة - ثانيا الاستدانة لأداء حقوق العباد - الاستدانة لحق النفس
دَيْنِ الآْدَمِيِّ الْمُعَيَّنِ فَهَذَا أَوْلَى (١) .
وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الشَّافِعِيَّةُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ.
ثَانِيًا: الاِسْتِدَانَةُ لأَِدَاءِ حُقُوقِ الْعِبَادِ:
أ - الاِسْتِدَانَةُ لِحَقِّ النَّفْسِ:
٧ - تَجِبُ الاِسْتِدَانَةُ عَلَى الْمُضْطَرِّ لإِحْيَاءِ نَفْسِهِ؛ لأَِنَّ حِفْظَ النَّفْسِ مُقَدَّمٌ عَلَى حِفْظِ الْمَال، صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ، وَقَوَاعِدُ غَيْرِهِمْ لاَ تَأْبَاهُ؛ لِمَا وَرَدَ فِي الضَّرُورَةِ مِنْ نُصُوصٍ مَعْرُوفَةٍ (٢) .
أَمَّا الاِسْتِدَانَةُ لِسَدِّ حَاجَةٍ مِنَ الْحَاجِيَّاتِ، فَهُوَ جَائِزٌ إِنْ كَانَ يَرْجُو وَفَاءً، وَإِنْ كَانَ الأَْوْلَى لَهُ أَنْ يَصْبِرَ. لِمَا فِي الاِسْتِدَانَةِ مِنَ الْمِنَّةِ، قَال فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ. لاَ بَأْسَ أَنْ يَسْتَدِينَ الرَّجُل إِذَا كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ لاَ بُدَّ مِنْهَا، وَهُوَ يُرِيدُ قَضَاءَهَا (٣) . وَكَلِمَةُ " لاَ بَأْسَ " إِذَا أَطْلَقَهَا فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يَعْنُونَ بِهَا: مَا كَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى مِنْ فِعْلِهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ لاَ يَرْجُو وَفَاءً فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الاِسْتِدَانَةُ، وَالصَّبْرُ وَاجِبٌ؛ لِمَا فِي الاِسْتِدَانَةِ مِنْ تَعْرِيضِ مَال الْغَيْرِ إِلَى الإِْتْلاَفِ (٤) .
أَمَّا الاِسْتِدَانَةُ مِنْ أَجْل غَايَةٍ غَيْرِ مَشْرُوعَةٍ فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ، كَمَا إِذَا اسْتَدَانَ لِيُنْفِقَ فِي وَجْهٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ، مِثْل أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنَ الْمَال مَا يَكْفِيهِ، فَيَتَوَسَّعُ فِي النَّفَقَةِ. وَيَسْتَدِينُ لأَِجْل أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الزَّكَاةِ، فَإِنَّهُ لاَ يُعْطَى مِنْهَا؛ لأَِنَّ قَصْدَهُ مَذْمُومٌ (٥) .
_________
(١) الشرح الكبير مع المغني ٢ / ٤٦٥
(٢) مواهب الجليل ٤ / ٥٤٥، والشرواني ٥ / ٣٧
(٣) الفتاوى الهندية ٥ / ٣٦٦
(٤) حاشية الشرواني على التحفة ٥ / ٣٧
(٥) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ١ / ٤٩٧، والمغني ٤ / ٤٤٨