الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣ -

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ هُوَ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ ﷺ مَرَّةً وَتَرَكَهُ أُخْرَى، فَيَكُونُ دُونَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ كَمَا قَال التَّهَانُوِيُّ، بَل دُونَ سُنَنِ الزَّوَائِدِ كَمَا قَال أَبُو الْبَقَاءِ الْكَفَوِيُّ.

وَيُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالْمَنْدُوبِ لِدُعَاءِ الشَّارِعِ إِلَيْهِ، وَبِالتَّطَوُّعِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ وَاجِبٍ، وَبِالنَّفَل لِزِيَادَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ (١) .

وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمُسْتَحَبُّ مُسْتَحَبًّا لاِخْتِيَارِ الشَّارِعِ إِيَّاهُ عَلَى الْمُبَاحِ (٢) . وَهُمْ بِهَذَا يَقْتَرِبُونَ مِمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، لَوْلاَ أَنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ مَعَهُ فِي التَّطَوُّعِ، حَيْثُ يَجْعَلُونَهُ مُرَادِفًا لِلْمُسْتَحَبِّ، وَيَجْعَلُهُ قَسِيمًا لَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْمُسْتَحَبِّ وَبَيْنَ السُّنَّةِ بِأَنَّهَا هِيَ: الطَّرِيقَةُ الْمَسْلُوكَةُ فِي الدِّينِ مِنْ غَيْرِ الْتِزَامٍ عَلَى سَبِيل الْمُوَاظَبَةِ، فَيَخْرُجُ الْمُسْتَحَبُّ بِالْقَيْدِ الأَْخِيرِ، إِذْ لاَ مُوَاظَبَةَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَل النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالتَّسْلِيمُ (٣) .

وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمُسْتَحَبَّاتِ وَسُنَنِ الزَّوَائِدِ، فَقَال: الْمُسْتَحَبُّ هُوَ الَّذِي يَكُونُ عَلَى سَبِيل الْعَادَةِ، سَوَاءٌ أَتُرِكَ أَحْيَانًا أَمْ لاَ.

وَفِي نُورِ الأَْنْوَارِ شَرْحِ الْمَنَارِ: السُّنَنُ الزَّوَائِدُ فِي مَعْنَى الْمُسْتَحَبِّ، إِلاَّ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ مَا أَحَبَّهُ الْعُلَمَاءُ، وَالسُّنَنُ الزَّوَائِدُ مَا اعْتَادَهُ النَّبِيُّ ﵇.

هَذَا وَقَدْ يُطْلَقُ الْمُسْتَحَبُّ عَلَى كَوْنِ الْفِعْل

_________

(١) كشاف اصطلاحات الفنون (جب) ٢ / ٢٧٤، وكليات أبي البقاء ١ / ١٧٣، ٢ / ١٠٨، ٣ / ١١، ٥ / ٩٦، وحاشية الرهاوي على شرح المنار ص ٥٨٦ ط إستانبول.

(٢) كشاف اصطلاحات الفنون (حبب) ٢ / ٢٧٤، وحاشية البناني على شرح جمع الجوامع ١ / ٩١

(٣) حاشية الرهاوي على شرح المنار ص ٥٨٦ ط الأولى.