الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣ -
الْمُسْتَثْنَى مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ غَيْرُ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ، فَزَيْدٌ فِي الْمِثَال الْمُتَقَدِّمِ غَيْرُ مَحْكُومٍ بِقِيَامِهِ وَلاَ بِعَدَمِهِ.
وَحَاصِل الْخِلاَفِ فِي نَحْوِ: قَامَ الْقَوْمُ إِلاَّ زَيْدًا، أَنَّ الْجُمْهُورَ يَقُولُونَ: إِنَّ زَيْدًا بِالاِسْتِثْنَاءِ دَخَل فِي عَدَمِ الْقِيَامِ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ انْتَقَل إِلَى عَدَمِ الْحُكْمِ. وَعِنْدَ الْفَرِيقَيْنِ هُوَ مُخْرَجٌ مِنَ الْكَلاَمِ الأَْوَّل (١) .
وَأَمَّا مَالِكٌ فَيُوَافِقُ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ الاِسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ فِي غَيْرِ الأَْيْمَانِ، أَمَّا فِي الأَْيْمَانِ فَلَيْسَ الاِسْتِثْنَاءُ إِثْبَاتًا.
فَمَنْ حَلَفَ: لاَ يَلْبَسُ الْيَوْمَ ثَوْبًا إِلاَّ الْكَتَّانَ، يَحْنَثُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ إِذَا قَعَدَ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَارِيًّا فَلَمْ يَلْبَسْ شَيْئًا؛ لأَِنَّهُ لَمَّا كَانَ النَّفْيُ إِثْبَاتًا فَقَدْ حَلَفَ أَنْ يَلْبَسَ الْكَتَّانَ، فَإِذَا لَمْ يَلْبَسْهُ وَقَعَدَ عَارِيًّا حَنِثَ.
أَمَّا عِنْدَ مَالِكٍ فَلاَ يَحْنَثُ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَوَجَّهَ الْقَرَافِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّ (إِلاَّ) فِي هَذَا الْمِثَال وَنَحْوِهَا صِفَةٌ، فَهِيَ بِمَعْنَى غَيْرُ، فَيَكُونُ قَدْ حَلَفَ عَلَى أَلاَّ يَلْبَسَ ثِيَابًا مُغَايِرَةً لِلْكَتَّانِ.
وَوَجَّهَهُ أَيْضًا بِأَنَّ مَعْنَى الْكَلاَمِ: أَنَّ جَمِيعَ الثِّيَابِ مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا غَيْرَ الْكَتَّانِ (٢) .
_________
(١) شرح جمع الجوامع وحاشية البناني ٢ / ١٥، ١٦، وشرح مسلم الثبوت ١ / ٣٢٦ وما بعدها.
(٢) شرح جمع الجوامع وحاشية البناني ٢ / ١٥، ١٦، والأشباه للسيوطي ص ٢٨٨