الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣ -
الْمَأْمُورِ، وَلِلْغُسْل خَلَفٌ وَهُوَ التَّيَمُّمُ (١) .
وَعُمُومُ كَلاَمِ الْحَنَابِلَةِ، فِي تَحْرِيمِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ عِنْدَ الاِغْتِسَال بِحُضُورِ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إِلَيْهَا، يُشْعِرُ بِأَنَّهُمْ يُخَالِفُونَ الْحَنَفِيَّةَ.
وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ تَرَتَّبَ عَلَى الْقِيَامِ بِالطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ كَشْفُ الْعَوْرَةِ، فَإِنَّهُ يُصَارُ إِلَى التَّيَمُّمِ؛ لأَِنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ لاَ بَدَل لَهُ؛ وَلأَِنَّهُ وَاجِبٌ لِلصَّلاَةِ وَالصِّيَانَةِ عَنِ الْعُيُونِ، وَيُبَاحُ فِعْل الْمَحْظُورِ مِنْ أَجْلِهِ، كَاسْتِتَارِ الرَّجُل بِالْحَرِيرِ إِذَا تَعَيَّنَ. أَمَّا الطَّهَارَةُ الْمَائِيَّةُ فَلَهَا بَدَلٌ، وَلاَ يُبَاحُ فِعْل الْمَحْظُورِ مِنْ أَجْلِهَا (٢) وَمِنْ هُنَا كَانَ السَّلَفُ وَالأَْئِمَّةُ الأَْرْبَعَةُ يَتَشَدَّدُونَ فِي الْمَنْعِ مِنْ دُخُول الْحَمَّامِ إِلاَّ بِمِئْزَرٍ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي ذَلِكَ آثَارًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، حَتَّى بَلَغَ الأَْمْرُ بِعُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَتَبَ: لاَ يَدْخُلَنَّ أَحَدٌ الْحَمَّامَ إِلاَّ بِمِئْزَرٍ، وَبِعُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ كَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ بِالْبَصْرَةِ أَمَّا بَعْدُ: فَمُرْ مَنْ قِبَلَكَ أَلاَّ يَدْخُلُوا الْحَمَّامَ إِلاَّ بِمِئْزَرٍ، وَأَخَذَ يَفْرِضُ الْعُقُوبَاتِ الرَّادِعَةَ عَلَى مَنْ دَخَل الْحَمَّامَ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ، وَعَلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ الَّذِي أَدْخَلَهُ. وَعَنْ عُبَادَةَ قَال: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَضْرِبُ صَاحِبَ الْحَمَّامِ وَمَنْ دَخَلَهُ بِغَيْرِ إِزَارٍ (٣) .
_________
(١) ابن عابدين ١ / ١٠٥ و٢٢٥، والمغني ١ / ٢٣٣
(٢) منح الجليل ١ / ٨٧، والمجموع ٢ / ٢٧٥
(٣) ابن أبي شيبة ١ / ١٩ مخطوط اسطنبول - متحف طول قبوسراي مكتبة مدينة برقم ٣٣٣، ٣٣٤، ونهاية المحتاج ١ / ٢١٤ ط المكتبة الإسلامية بالرياض، ومنتهى الإرادات ١ / ٣٢ ط دار العروبة.