الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣ - تراجم الفقهاء - استئذان - أولا الاستئذان لدخول البيوت - المكان المراد دخوله - ثانيا
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: إِنَّ الْبُيُوتَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا سَاكِنٌ، وَلِلْمَرْءِ فِيهَا مَنْفَعَةٌ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ، كَالْخَانَاتِ وَالرِّبَاطَاتِ الَّتِي تَكُونُ لِلْمَارَّةِ، وَالْخَرَابَاتِ الَّتِي تُقْضَى فِيهَا حَاجَةُ الْبَوْل وَالْغَائِطِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ﴾ أَيْ مَنْفَعَةٌ (١) .
٩ - ثَانِيًا: وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا إِذَا كَانَ فِي تَرْكِ الاِسْتِئْذَانِ لِدُخُول بَيْتٍ إِحْيَاءٌ لِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ، حَتَّى لَوِ اسْتَأْذَنَ وَانْتَظَرَ الإِْذْنَ تَلِفَتِ النَّفْسُ وَضَاعَ الْمَال، وَقَدْ أَوْرَدَ الْحَنَفِيَّةُ عَدَدًا مِنَ الْفُرُوعِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ. وَقَوَاعِدُ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى لاَ تَأْبَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ، إِلاَّ الْحَنَابِلَةَ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُجِيزُوا دُخُول الْبَيْتِ إِذَا خِيفَ ضَيَاعُ الْمَال إِلاَّ بِاسْتِئْذَانٍ، فَإِذْنٍ (٢) . وَمِنْ هَذِهِ الْفُرُوعِ:
الأَْوَّل: إِذَا كَانَ الْبَيْتُ مُشْرِفًا عَلَى الْعَدُوِّ، يُقَاتِل مِنْهُ الْعَدُوُّ، وَيُوقِعُ بِهِ النِّكَايَةَ، يَجُوزُ دُخُولُهُ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ؛ لِمَا فِي دَفْعِ الْعَدُوِّ مِنْ إِحْيَاءِ نُفُوسِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ.
الثَّانِي: إِذَا سَقَطَ ثَوْبُهُ فِي بَيْتِ غَيْرِهِ، وَخَافَ لَوْ أَعْلَمَهُ أَخَذَهُ، جَازَ لَهُ الدُّخُول لأَِخْذِهِ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ، وَيِنَبْغِي أَنْ يَعْلَمَ الصُّلَحَاءُ أَنَّهُ إِنَّمَا دَخَل لِذَلِكَ.
الثَّالِثُ: لَوْ نَهَبَ مِنْهُ ثَوْبًا وَدَخَل النَّاهِبُ دَارَهُ لاَ بَأْسَ بِدُخُولِهَا لِيَأْخُذَ حَقَّهُ.
_________
(١) بدائع الصنائع ٥ / ١٢٥، والآية من سورة النور / ٢٩
(٢) حاشية ابن عابدين ٥ / ١٢٦، ١٢٧، وأسنى المطالب ٤ / ٣٨٧ طبع المكتبة الإسلامية، ونهاية المحتاج ٨ / ٣١٥ طبع المكتبة الإسلامية، والمغني ٩ / ٣٢٥ ط ٣ للمنار.