الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ٣ -

فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِلشُّرُنْبُلاَلِيِّ: يُمْنَعُونَ مِنِ اسْتِيطَانِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ؛ لأَِنَّهُمَا مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ.

قَال النَّبِيُّ ﷺ: لاَ يَجْتَمِعُ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ثُمَّ قَال ابْنُ عَابِدِينَ: قَوْلَهُ: لأَِنَّهُمَا مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ، أَفَادَ أَنَّ الْحُكْمَ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَيْهِمَا، بَل جَزِيرَةُ الْعَرَبِ كُلُّهَا كَذَلِكَ، كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ (١) ".

وَقَال الْقُرْطُبِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ بَرَاءَةَ: أَمَّا جَزِيرَةُ الْعَرَبِ وَهِيَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَالْيَمَنُ وَمَخَالِيفُهَا، فَقَال مَالِكٌ: يُخْرَجُ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ كُل مَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الإِْسْلاَمِ، وَلاَ يُمْنَعُونَ مِنَ التَّرَدُّدِ بِهَا مُسَافِرِينَ (٢) .

٥ - الرَّأْيُ الثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، أَنَّ الْمُرَادَ بِأَرْضِ الْعَرَبِ لَيْسَ كُل مَا تَشْمَلُهُ (جَزِيرَةُ الْعَرَبِ) فِي اللُّغَةِ، بَل أَرْضُ الْحِجَازِ خَاصَّةً. وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، قَال: آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: أَخْرِجُوا يَهُودَ أَهْل الْحِجَازِ وَأَهْل نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ (٣)

وَفِي الْمُوَطَّأِ: قَدْ أَجْلَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَهُودَ نَجْرَانَ وَفَدَكٍ. فَأَمَّا يَهُودُ خَيْبَرَ فَخَرَجُوا مِنْهَا لَيْسَ لَهُمْ مِنَ الثَّمَرِ وَلاَ مِنَ الأَْرْضِ شَيْءٌ. وَأَمَّا يَهُودُ فَدَكٍ فَكَانَ لَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ وَنِصْفُ الأَْرْضِ؛ لأَِنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ صَالَحَهُمْ عَلَى نِصْفِ الثَّمَرِ وَنِصْفِ الأَْرْضِ، فَأَقَامَ لَهُمْ عُمَرُ نِصْفَ الثَّمَرِ وَنِصْفَ الأَْرْضِ قِيمَةً مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ وَإِبِلٍ وَحِبَالٍ وَأَقْتَابٍ،

_________

(١) ابن عابدين ٣ / ٢٧٥

(٢) الحطاب ٣ / ٣٨١، الدسوقي ٢ / ٢٠١

(٣) أحكام أهل الذمة ١ / ١٧٦، والحديث تقدم تخريجه (ف ١) .